زوّجت نعمى لم تكن كفؤها ... فصانها الله بتطليق
لا قدّست نعمى تسربلتها ... كم حجّة فيها لزنديق
وقال فيه قبل النكبة: [الوافر]
غدا يعلو الجياد وكان يعلو ... إذا ما استفره السبت الطّراقا
أعنّتها الشّسوع فإن عراها ... حفاء الكدّ أنعلها طراقا
فزوّج بعد فقر منه نعمى ... أراني الله صبحتها طلاقا
ومن غرائب التكاتب في العزل، ما كتب به أحمد بن مهران إلى معزول: بلغني أعزّك الله انصرافك عن عملك، فسررت بذلك، ولم أستفظعه لعلمي بأن قدرك أجلّ وأعلى من أن يرفعك عمل تتولاه، أو يضعك عزل عنه، والله لو لم تختر الانصراف، وترد الانعزال، لكان في لطف تدبيرك، وثقوب رويّتك، وحسن تأتّيك، ما تزيل به السبب الداعي إلى عزلك والباعث على صرفك، ونحن إلى أن نهنّئك بهذا الحال، أولى بنا من أن نعزّيك؛ إذ أردت الصرف فأوتيته، وأحببت الاعتزال فأعطيته، فبارك الله لك في منقلبك وهنّأك النعم بدوامها، ورزقك الشكر الموجب المزيد لك فيها.
كان أبو شراعة لا يسأل ابن المدبّر حاجة إلا قضاها، ولا يشفع لأحد إلا شفّعه، فلما عزل إبراهيم بن المدبر عن البصرة شيّعه الناس، فردّهم حتى لم يبق إلا أبو شراعة، فقال يا أبا شراعة، غاية كلّ مودّع الفراق. فانصرف راشدا مكلوءا من غير قلى والله ولا ملل. وأمر له بعشرة آلاف درهم. فعانقه أبو شراعة وبكى وأطال، ثم قال وهو أحسن ما قيل في التهنئة بالعزل: [الرمل]
يا أبا إسحاق سر في دعة ... وامض مكلوءا فما منك خلف
ليت شعري أيّ أرض أجدبت ... فأريحت بك من جهد العجف
نزل اللطف من الله بهم ... وحرمناك بذنب قد سلف
إنما انت ربيع باكر ... حيثما صرّفه الله انصرف
ومن ملح هذا الباب أنّ بعض الوزراء قلّد ابن حجاج عملا، فخرج إليه يوم الخميس، وتبعه كتاب عزله يوم الأحد، فقال فيه: [مجزوء الكامل]
يا من إذا نظر الهلا ... ل إلى محاسنه سجد
وإذا رأته الشمس كا ... دت أن تموت من الحسد
يوم الخميس بعثتني ... وصرفتني يوم الأحد
والناس قد غنوا ع ... ليّ لمّا خرجت من البلد
ما قام عمرو في الولا ... ية قائما حتى قعد
***