للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عناه: ما أراده، يريد أنه لما قال: لن يسترني، إنما أراد لن يستر عليّ هذه الحيلة التي أريد بها خداع الناس بعد ما عرفها إلا من هو كما وصف.

وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «من رأى عورة أخيه فسترها كان كمن أحيا موءودة من قبرها» (١).

ساءني: شقّ عليّ. يعانيه: يقاسيه. اقشعرار: انقباض وارتعاد. عمدت: قصدت.

رياشي: لباسي. نضوتها: جرّدتها. افتراها: اتخذها. جنّة: سترا ووقاية. واقيا: صائنا.

مهجتي: نفسي. وقّي: كفي. الجنّة: الجنّ. سندس: ثياب خضر.

***

قال: فلمّا فتن قلوب الجماعة، بافتنانه في البراعة ألقوا عليه من الفراء المغشّاة، والجباب الموشّاة، ما آده ثقله، ولم يكد يقلّه، فانطلق مستبشرا بالفرج، مستسقيا للكرج، وتبعته إلى حيث ارتفعت التقيّة، وبدت السّماء نقيّة، فقلت له:

لشدّ ما قرسك البرد. فلا تتعرّ من بعد، فقال: ويك! ليس من العدل، سرعة العذل، فلا تعجل بلوم هو ظلم، ولا تقف ما ليس لك به علم؛ فو الّذي نوّر الشّيبة، وطيّب تربة طيبة، لو لم أتعرّ لرحت بالخيبة، وصفر العيبة.

***

افتنانه: تنوّعه. البراعة: الجودة والفصاحة. المغشاة: المغطّاة بغيرها من الثياب.

الموشّاة: المزيّنة بالرقم. آده: أثقله. يقلّه: يرفعه. مستسقيا: داعيا بأن يسقيها الله تعالى. التقية: الخشية.

قوله: بدت السماء نقية، مثل ضرب لخلوّ الموضع من الناس وظهوره فيه وحده.

ويك، أي عجبا لك. العذل: اللوم.

تقف: تتبع، يقال: قفوت أثره أقفوه قفوا، إذا تتبعته، ومنه: قفا فلان فلانا إذا أتبعه بكلام قبيح، ويقال: قفاه بالتخفيف.

أبو عبيدة رحمه الله تعالى: أصل القفو والتّقافي: البهتان يرمي به الرجل صاحبه، واحتج بحديث حبان بن عطية: «من قفا مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله تعالى في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج» (٢). قال الفراء رحمه الله تعالى: القفو: مأخوذ من القيافة، وهو تتبع الأمر، يقال: قاف القائف يقفو قيافة، فهو قائف، بتقديم الفاء على الواو، كما قالوا في جذب: جبذ، وقرئ: وَلا تَقْفُ [الإسراء: ٣٦] مثل تقل. نوّر: بيّض.


(١) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب ٢٤، وأبو داود في الأدب باب ٣٨، وأحمد في المسند ٤/ ١٤٧، ١٥٣، ١٥٨.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>