للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمع المأمون رجلا يفخر بنفسه وهو ناقص، فقال: أنت عظامي لا عصاميّ.

ولهذا أشار بما تقدم من قوله «تبّا لمفتخر، بعظم نخر»، يريد أن عصاما ساد بنفسه لا بآبائه، وكذلك السّروجيّ لم يفخر إلا بنفسه.

الأصمعية: التي حكاها الأصمعيّ، وقد مرّ من ملح الأصمعيّ في هذا الكتاب جملة كافية بحمد الله تعالى. والأصمعيّ عصاميّ لأنه من باهلة، وهي أهجن قبيلة في العرب وألأمها، وذكر المبرّد في كامله جملة أخبار في أمثالها، قال فيها الشاعر:

[المتقارب]

ولو قيل للكلب يا باهلي ... عوى الكلب من لؤم ذاك النّسب

وهو مع ذلك خامل المنشأ، وقد ذكرنا في الأربعين خمول أبيه إلا أنه ساد الناس بنفسه أدبا وعلما ودينا. ومن ملحه أنه قال: بينما أنا في طرق البصرة إذا أنا بكناس يكنس كنيفا، وإذا هو يقول: [الطويل]

فإياك والسكنى بأرض مذلّة ... تعدّ مسيئا فيه إن كنت محسنا

فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكن ... عليك بها فاطلب لنفسك مسكنا

قال: فوقفت عليه، فقلت: والله ما بقي عليك من الهون شيء إلا وقد أهنتها به، فما الذي نلت من كرامتها؟ قال: والله لكنس ألف كنيف أحسن من القيام على باب مثلك ساعة.

الأصمعيّ: كان أعرابيان متواخيان بالبادية؛ ثم إن أحدهما استوطن الريف، واختلف إلى باب الحجاج، فولّاه أصبهان. فسمع أخوه خبره فضرب إليه، فأقام ببابه حينا لا يصل إليه، ثم أذن له بالدخول، فأخذه الحاجب فمشى به وهو يقول: [الوافر]

فلست مسلّما ما دمت حيّا ... على زيد بتسليم الأمير

فقال زيد: لا أبالي، فقال الأعرابيّ: [الوافر]

أتذكر إذ لحافك جلد شاة ... وإذ نعلاك من جلد البعير

فقال: نعم، فقال الأعرابيّ: [الوافر]

فسبحان الّذي أعطاك ملكا ... وعلّمك القعود على السرير

تعجمه: تختبره. مرامي لحظي: نظرات عيني وسهام نظري، واحد المرامي مرماة، وهي السهم.

ترجمه: ترميه وتقع عليه. أحبولة: شبكة. يهتكه: يكشفه. السّمر: ظل القمر، ثم سمّي حديث الليل سمرا به. الزّهر: النجوم. خيمه: طبعه. أشرب: سقي. المروءة:

الفعل الجميل. أديمه: وجهه، ويقال: أشرب فلان حبّ فلان، إذا خالط حبّه قلبه. ما

<<  <  ج: ص:  >  >>