للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأعداء، وكلّ ذلك مليح جزل نقل عن ضعيف المبنى.

الرابع: عكس ما يصير بالعكس ثناء بعد ما كان هجاء، كقول البلاذري: [الكامل]

قد يرفع المرء اللئيم حجابه ... ضعة ودون الرف منه حجاب

معكوسه: [الكامل]

ملك أغرّ محجّب ... معروفه لا يحجب

الخامس: استخراج معنى من معنى احتذى عليه وإن فارق ما قصد إليه، كقول أبي نواس في الخمر: [مخلع البسيط]

لا ينزل الليل حيث حلّت ... فدهر شرّابها نهار (١)

احتذاه البحتري وفارق مقصده، فجعله في محبوب، فقال: [مخلع البسيط]

غاب دجاها وأيّ ليل ... يدجو علينا وأنت بدر

السادس: توليد كلام من كلام لفظهما مفترق، ومعناهما متفق، كقول أبي تمام:

[الطويل]

لأمر عليهم أن تتمّ صدوره ... وليس عليهم أن تتمّ عواقبه (٢)

أخذه من قول الأعرابيّ، أنشده الأصمعيّ رحمه الله تعالى: [الوافر]

فكان على الفتى الإقدام فيها ... وليس عليه ما جنت المنون (٣)

فجرد لفظه من أخذ منه، وهو في معناه متفق معه؛ وهذا من أدل الأقسام على فطنة الشاعر.

السابع: في توليد معان مستحسنات في ألفاظ مختلفات، وهذا من أشذّ باب وأقلّه وجودا، وإنمّا قلّ لأنّه من أحق ما استعمل فيه الشاعر فطنته؛ كقول أبي نواس: [الرمل]

واسقنيها من كميت ... تدع اللّيل نهارا (٤)

ثم قال أيضا: [مخلع البسيط]

لا ينزل الليل حيث حلّت ... فدهر شرّابها نهار (٥)


(١) البيت في ديوان أبي نواس ص ٢٧٤.
(٢) البيت في ديوان أبي تمام ص ٤٤.
(٣) يروى صدر البيت:
فإن على الفتى الإقدام فيها
وهو بلا نسبة في لسان العرب (منن)، وأساس البلاغة (منن)، وتاج العروس (منن).
(٤) البيت في ديوان أبي نواس ص ٢٧٤.
(٥) ديوانه ص ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>