للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال أيضا: [الكامل]

قال ابغني المصباح قلت له اتّئد ... حسبي وحسبك ضوأها مصباحا (١)

فكل هذه معان متقاربات وألفاظ متشابهات، مولّد بعضها من بعض.

الثامن: مساواة الآخذ المأخوذ منه في الكلام حتى لا يزيد نظام على نظام، وإن كان الأوّل أحقّ به لأنه ابتدع، والثاني اتّبع، من ذلك قول العكوّك في فرس: [الرجز]

مطّرد يرتجّ من أقطاره ... كالماء جالت فيه ريح فاضطرب

فذكر ارتجاجه، ولم يذكر سكونه، فأخذه ابن المعتزّ فقال: [الكامل]

فكأنه موج يذوب إذا ... أطلقته، فإذا حبست جمد

فجمع بين الصفتين.

التاسع: مماثلة السارق المسروق بزيادته في المعنى ما هو من تمامه؛ كقول أبي حيّة: [الطويل]

فألقت قناعا دونه الشّمس واتّقت ... بأحسن موصولين: كفّ ومعصم

أخذه من قول النابغة: [الكامل]

سقط النّصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتّقتنا باليد (٢)

فلم يزد النابغة على اتقائها باليد، وزاد عليه أبو حيّة بقوله: «دونه الشمس» وخبّر عن المتّقي بأحسن خبر فاستحقّه.

العاشر: رجحان السّارق على المسروق منه بزيادة لفظ على لفظ من أخذ عنه، كقول حسان: [الكامل]

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل (٣)

وقال أبو نواس رحمه الله تعالى: [الطويل]

إلى بيت حان لا تهرّ كلابهم ... عليّ ولا يخشون طول ثوائي

ولا فرق بين المعنيين.


(١) ديوانه ص ٢٥٦.
(٢) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٩٣، والشعر والشعراء ١/ ١٧٦، والمقاصد النحوية ٣/ ١٠٢، ولسان العرب (نصف)، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٥٩.
(٣) البيت في ديوان حسان بن ثابت ص ١٢٣، وخزانة الأدب ٢/ ٤١٢، والدرر ٤/ ٧٦، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٦٩، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٨، ٢/ ٩٦٤، والكتاب ٣/ ١٩، ومغني اللبيب ١/ ١٢٩، وهمع الهوامع ٢/ ٩، وتاج العروس (جبن)، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣/ ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>