للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَ " ثَالِثُهَا " أَيْ ثَالِثُ الْمَذَاهِبِ " لَهُمْ " أَيْ لِلْمُعْتَزِلَةِ: التَّوَقُّفُ عَنِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: " لَهُمْ ": أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيمَا بَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِوُجُودِ الْحُكْمِ. لَا فِيمَا بَيْنَ الْأَشَاعِرَةِ ; لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ، أَنْ لَا حُكْمَ لِلْأَفْعَالِ قِبَلَ الشَّرْعِ مُطْلَقًا.

وَلَمَّا نَبَّهَ " بِالثَّالِثِ " عَلَى مَذْهَبِ التَّوَقُّفِ عَنِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، عُلِمَ أَنَّ أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ: الْحَظْرُ، وَالْآخَرَ: الْإِبَاحَةُ.

وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الَّتِي يَقْضِي الْعَقْلُ فِيهَا بِحُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ فَعِنْدَهُمْ يَنْقَسِمُ إِلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ. لِأَنَّ قَضَاءَ الْعَقْلِ فِيهَا إِمَّا بِالْحُسْنِ أَوْ بِالْقُبْحِ. وَالْأَوَّلُ: إِمَّا أَنْ لَا يَتَرَجَّحَ وُجُودُهُ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ الْمُبَاحُ.

أَوْ يَتَرَجَّحَ وُجُودُهُ عَلَى تَرْكِهِ، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يَلْحَقَ تَارِكَهُ الذَّمُّ، وَهُوَ الْوَاجِبُ أَوْ لَا، وَهُوَ الْمَنْدُوبُ.

وَالثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي قَضَاءُ الْعَقْلِ فِيهِ بِالْقُبْحِ: إِمَّا أَنْ يَلْحَقَ فَاعِلَهُ ذَمٌّ، وَهُوَ الْحَرَامُ، أَوْ لَا، وَهُوَ الْمَكْرُوهُ.

وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: " عِنْدَهُمْ " أَنَّ تَحَقُّقَ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ قِبَلَ الشَّرْعِ عَلَى رَأْيِ الْمُعْتَزِلَةِ. وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ الْأَشَاعِرَةِ فَلَا. فَعُلِمَ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْأَشَاعِرَةِ أَنْ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ لِلْأَفْعَالِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>