أما مُوسَى , فاسم يَجْمَعُ بين كلمتين بالقبطية وهما: ماء وشجر , ف: مُوهو الماء , و (سا) هو الشجر , وإنما سُمِّيَ بهذا الاسم الجامع لهاتين الكلمتين , لما ذكره السدي من أنَّ أمه لما خافت عليه جعلته في التابوت , وألقته في اليم , كما أُوحِيَ إليها , فألقاه بين أشجار عند بيت فرعون , فخرجت حَواريُّ آسيةَ امرأةِ فرعون يغتسلن , فوجدنه , فسُمِّيَ باسم المكان. قال ابن إسحاق: وهو موسى بنُ عمرانَ بنِ يصهر بنِ فاهت بنِ لاوى بن يعقوب (إسرائيل) بنِ إسحاق بنِ إبراهيم. وقوله تعالى: {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} قال ابنُ الكلبي: لما جاوز موسى ببني إسرائيل البحر , قال له بنو إسرائيل: أليس وعدتنا أن تأتينا بكتابٍ من الله تعالى؟ فوعده الله أربعين ليلة , ووعدها بني إسرائيل , قال أبو العالية: هي ذو القِعْدةِ وعَشْرٌ من ذي الحِجَّة , ثم اقتصر على ذكر الليالي دون الأيام , وإن كانت الأيام تبعاً معها , لأن أوَّلَ الشهورِ الليالي , فصارت الأيامُ لها تبعاً. قوله تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} يعني اتخذتموه إلهاً من بعد خروج موسى إلى الميقات , واستخلافِهِ هارونَ عليهم. وسببُ ذلك فيما ذكر ابن عباسٍ , أنَّ السامِرِيَّ كان من قومٍ يعبدون البقر , فكان حبُّ ذلك في نفسه بعْدَ إظهاره الإسلام , وكان قد عَرَفَ جبريل لأن أمه حين خافت عليه أن يُذْبَحَ خَلَّفَتْهُ في غار , وأطبقت عليه , وكان جبريل يأتيه , فيغذوه بأصابعه , فلمَّا رآه حين عبر البحر عرفه , فقبض قبضةً من أثر فرسه , وكان ابن مسعودٍ يقرأ: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ فَرَسِ الرَّسُولِ} ولم تزل القبضة في يده , حتى فصل موسى إلى ربه , وخلَّف هارون في بني إسرائيل , فقال لهم هارون: قد تحمَّلْتُمْ أوزاراً من زينة القوم , يعني أمتعةً وحُلِيَاً , فَتَطهَّرُوا منها فإنها نَجَسٌ , فأوقد لهم ناراً , وأمرهم بقذف ما كان معهم ففعلوا , فأقبل السامِرِيُّ إلى النار وقال: يا نبيَّ الله أُلْقِي ما في يدي؟ قال: نعم , وهو يظن أنَّهُ حُلِيٌّ , فقذفه , وقال: كن عجلاً جسداً له خوار. واختلفوا: هل صار حيواناً لحماً ودماً أم لا؟