فقال الحسن: انقلب حيواناً لحماً ودماً , وقال غيره لا يجوز لأن ذلك من آيات الله عز وجل التي لا يُظْهِرُها إلَاّ لمعجزَةِ نبيٍّ , وإنما جعل فيه خروقاً تَدْخُلُها الرِّيحُ , فَيَحْدُثُ فيهِ صوتٌ كالخوار. ودافع من تابع الحسن على قوله هذا , بوجهين: أحدهما: أنه لما قال: هذا إلهكم وإلهُ موسى , فقد أبطل على نفسه أن يدَّعِيَ بذلك إعجاز الأنبياء , فجاز أن يصح ذلك منه امتحاناً. والثاني: أن ذلك لا يجوز في غير زمان الأنبياء , ويجوز في زمان الأنبياء , لأنهم يُظهِرُون إبطاله , وقد كان ذلك في زمان نبيَّيْنِ. واختلفوا في تسميته عجلاً: فقال أبو العالية: لأنهم عَجِلُوا , فاتخذوه إلهاً , قبل أن يأتيهم موسى , وقال غيره: بل سُمِّيَ بذلك , لأنه صار عجلاً جسداً له خُوَارٌ. ثُمَّ إنهم عكفوا على العجل يعبدونه , فقال لهم هارون من قبل: يا قومِ إنما فتنتم به , وإن ربكم الرحمن , فاتبعوني , وأطيعوا أمري , قالوا: لن نبرح عليه عاكفين , حتى يرجع إلينا موسى. قوله عز وجل:{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ}[طه: ٩٠؛ ٩١]: أما (إذ) فاسم للوقت الماضي , و (إذا) اسم للوقت المستقبل , و (الكتاب) هو التوراة. وفي الفرقان أربعةُ أقاويلَ: أحدها: أن الفُرْقان هو الكتاب فذكره باسمين تأكيداً , وهو قول الفراء. والثاني: أن الفُرْقَانَ: ما في التوراة من فَرْقٍ بني الحقِّ والباطلِ , فيكون ذلك نعتاً للتوراة , وهذا قول ابن عباس وأبي العالية. والثالث: أن الفرقان النصر , الذي فرَّق الله به بين موسى وفرعون , حتى أنجى موسى وقومَهُ , وأغرق فرعون وقومهُ , وهذا قول أبي زيدٍ.