{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} يعني الملك. {فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} وإنما توقف عن الخروج مع طول حبسه ليظهر للملك عذره قبل حضوره فلا يراه مذنباً ولا خائناً. فروى أبو الزناد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرحم الله يوسف إنه كان ذا أناةٍ لو كنت أنا المحبوس ثم أُرسل لخرجت سريعاً). وفي سؤاله عن النسوة اللاتي قطعن أيديهن دون امرأة العزيز ثلاثة أوجه: أحدها: أن في سؤاله عنها ظنَّةً ربما صار بها متهماً. والثاني: صيانة لها لأنها زوج الملك فلم يتبذلها بالذكر. الثالث: أنه أرادهن دونها لأنهن الشاهدات له عليها. {إن ربي بكيدهن عليم} فيه وجهان: أحدهما: معناه إن الله بكيدهن عليم. الثاني: أن سيدي الذي هو العزيز بكيدهن عليم. قوله عز وجل:{قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه} فهذا سؤال الملك قد تضمن تنزيه يوسف لما تخيله من صدقه لطفاً من الله تعالى به حتى لا تسرع واحدة منهن إلى التكذب عليه. وفي قوله:{راودتن} وإن كانت المراودة من إحداهن وجهان: أحدهما: أن المراودة كانت من امرأة العزيز وحدها فجمعهن في الخطاب وإن توجه إليها دونهن احتشاماً لها. الثاني: أن المراودة كانت من كل واحدة منهن. {قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوءٍ} فشهدن له بالبراءة من السوء على علمهن لأنها شهادة على نفي , ولو كانت شهادتهن على إثبات لشهدن قطعاً، وهكذا