ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون} قوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ} اختلفوا فيها على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها في جميع المشركات الكتابيات وغير الكتابيات , وأن حكمها غير منسوخ , فلا يجوز لمسلم أن ينكح مشركة أبداً , وذكر أن طلحة بن عبيد الله نكح يهودية , ونكح حذيفة نصرانية , فغضب عمر بن الخطاب غضباً شديداً , حتى كاد يبطش بهما , فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب , فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن , ولكن ينزعن منكم صغرَةً قمأةً. والثاني: أنها نزلت مراداً بها مشركات العرب , ومن دان دين أهل الكتاب , وأنها ثابتة لم نسخ شيء منها , وهذا قول قتادة , وسعيد بن جبير. والثالث: أنها عامة في جميع المشركات , وقد نسخ منهن الكتابيات , بقوله تعالى في المائدة: {وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم} وقد روى الصلت بن بهرام , عن سفيان قال: تزوج حذيفة بن اليمان يهودية , فكتب إليه عمر ابن الخطاب , خلِّ سبيلها , فكتب إليه أتزعم أنها حرام فأخلى سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام , ولكني أخاف أن تقاطعوا المؤمنات منهن , والمراد بالنكاح التزويج , وهو حقيقة في اللغة , وإن كان مجازاً في الوطء , قال الأعشى:
(ولا تقربن جارةً إنّ سِرّها ... عليك حرام فانكحن أو تأبّدا)
أي فتزوج أو تعفف. قوله تعالى: {وَلأَمَةٌ مُؤمِنَةُ خَيرٌ مِنَ مُشرِكَةٍ} يعني ولنكاح أمة مؤمنة , خير من نكاح حرة مشركة من غير أهل الكتاب وإنْ شَرُف نسبها وكَرُم أصلها , قال السدي: نزلت هذه الآية في عبد الله بن رواحة , كانت له أمة سوداء , فلطمها في غضب , ثم ندم , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: (ما هي يا عبد الله) قال: تصوم , وتصلي , وتحسن الوضوء , وتشهد الشهادتين , فقال رسول الله: (هَذِه