وفي قوله:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} ستة تأويلات: أحدها: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} أي لم تكونوا شيئاً , {فَأَحْيَاكُمْ} أي خلقكم , {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء آجالكم , {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} يوم القيامة , وهذا قول ابن عباس وابن مسعود. والثاني: أن قوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} يعني في القبور {فَأَحْيَاكُمْ} للمساءلة , {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} في قبوركم بعد مساءلتكم , ثم يحييكم عند نفخ الصور للنشور , لأن حقيقة الموت ما كان عن حياةٍ , وهذا قول أبي صالح. والثالث: أن قوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} يعني في أصلاب آبائكم , {فَأَحْيَاكُمْ} أي أخرجكم من بطون أمهاتكم , {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} الموتة التي لا بد منها , {ثُم يُحْيِيكُمْ} للبعث يوم القيامة , وهذا قول قتادة. والرابع: أن قوله: {وَكُنْتُمْ أَمْواتاً} يعني: أن الله عز وجل حين أخذ الميثاق على آدم وذريته , أحياهم في صلبه وأكسبهم العقل وأخذ عليهم الميثاق , ثم أماتهم بعد أخذ الميثاق عليهم , ثم أحياهم وأخرجهم من بطون أمهاتهم , وهو معنى قوله تعالى:{يَخْلُقْكُمْ في بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّنْ بَعْدِ خَلْقٍ}[الزمر: ٦] فقوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} يعني بعد أخذ الميثاق , {فَأَحْيَاكُمْ} بأن خلقكم في بطون أمهاتكم ثم أخرجكم أحياء , {ثم يُمِيتُكُمْ} بعد أن تنقضي آجالكم في الدنيا , {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} بالنشور للبعث يوم القيامة , [وهذا] قول ابن زيدٍ. والخامس: أن الموتة الأولى مفارقة نطفة الرجل جسده إلى رحم المرأة , فهي مَيِّتَةٌ من حين فراقها من جسده إلى أن ينفخ الروح فيها , ثم يحييها بنفخ الروح فيها , فيجعلها بشراً سويّاً , ثم يميته الموتة الثانية بقبض الروح منه , فهو ميت إلى يوم ينفخ في الصور , فيرُد في جسده روحه , فيعود حياً لبعث القيامة , فذلك موتتان وحياتان. والسادس: أن قوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} خاملي الذكر دارسي الأثر , {فَأَحْيَاكُمْ} بالظهور والذكر , {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء آجَالكم , {ثُمَّ يُحييكُمْ} للبعث , واستشهد من قال هذا التأويل بقول أبي بُجَيْلَةَ السَّعْدِيِّ: