والمراد بقوله:{أَمْثَالُكُم} وجهان: أحدهما: أنها أجناس وتتميز في الصور والأسماء. والثاني: أنها مخلوقة لا تُظْلَم , ومرزوقة لا تُحْرَم. ثم قال تعالى:{مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ} فيه تأويلان: أحدهما: ما تركنا خلقاً إلا أوجبنا له أجلاً , والكتاب هنا هو إيجاب الأجل كما قال تعالى:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ}[الرعد: ٣٨] قاله ابن بحر وأنشد لنابغة بني جعدة:
(بلغو الملوك وأدركوا ال ... كتاب وانتهى الأجل)
والتأويل الثاني: وهو قول الجمهور: أن الكتاب هو القرآن الكريم الذي أنزله , ما أخل فيه بشيء من أمور الدين , إما مُفَصَّلاً يَسْتَغْنِي عن التفسير , أو مجْمَلاً جعل إلى تفسيره سبيلاً. يحتمل تأويلاً ثالثاً: ما فرطنا فيه بدخول خلل عليه , أو وجود نقص فيه , فكتاب الله سليم من النقص والخلل. {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرْونَ} فيه تأويلان: أحدهما: أن المراد بالحشر الموت , قاله ابن عباس. والثاني: أن الحشر الجمع لبعث الساعة. فإن قيل: فإذا كانت غير مُكَلَّفَةٍ فلماذا تبعث يوم القيامة؟ قيل: ليس التكليف علة البعث , لأن الأطفال والمجانين يبعثون وإن كانوا في الدنيا غير مكلفين , وإنما يبعثها ليعوض ما استحق العوض منها بإيلام أو ظلم , ثم