للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: معناه لا تحيط به الأبصار , وهو يحيط بالأبصار , واعتل قائل هذا بقوله: {فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} فوصف الله الغرق بأنه أدرك فرعون , وليس الغرق موصوفاً بالرؤية , كذلك الإدراك هنا , وليس ذلك بمانع من الرؤية بالإِبصار , غير أن هذا اللفظ لا يقتضيه وإن دل عليه قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}. والقول الثاني: معناه لا تراه الأبصار وهو يرى الأبصار , واعتل قائلو ذلك بأمرين: أحدهما: أن الأبصار ترى ما بينها ولا ترى ما لاصقها , وما بين البصر فلا بد أن يكون بينهما فضاء , فلو رأته الأبصار لكان محدوداً ولخلا منه مكان , وهذه صفات الأجسام التي يجوز عليها الزيادة والنقصان. والثاني: أن الأبصار تدرك الألوان كما أن السمع يدرك الأصوات , فلما امتنع أن يكون ذا لون امتنع أن يكون مرئياً , كما أن ما امتنع أن يكون ذا صوت امتنع أن يكون مسموعاً. والقول الثالث: لا تدركه أبصار الخلق في الدنيا بدليل قوله: {لَا تَدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} وتدركه في الآخرة بدليل قوله: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٣] وهو يدرك الأبصار في الدنيا والآخرة. والرابع: لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة , وتدركه أبصار المؤمنين , وهو يدرك الأبصار في الدنيا والآخرة , لأن الإِدراك له كرامة تنتفي عن أهل المعاصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>