والقول الخامس: أن الأبصار لا تدركه في الدنيا والآخرة , ولكن الله يحدث لأوليائه حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس يرونه بها , اعتِلَالاً بأن الله أخبر برؤيته , فلو جاز أن يُرَى في الآخرة بهذه الأبصار وإن زِيْدَ في قواها جاز أن يرى بها في الدنيا وإن ضعفت قواها بأضعف من رؤية الآخرة , لأن ما خُلِقَ لإِدراك شيء لا يُعْدَمُ إدراكه , وإنما يختلف الإِدراك بحسب اختلاف القوة والضعف , فلما كان هذا مانعاً من الإدراك - وقد أخبر الله تعالى بإدراكه - اقتضى أن يكون ما أخبر به حقاً لا يدفع بالشبه , وذلك بخلق حاسة أخرى يقع بها الإِدراك. ثم قال:{وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فاحتمل وجهين من التأويل: أحدهما: لطيف بعباده في الإِنعام عليهم , خبير بمصالحهم. والثاني: لطيف في التدبير خبير بالحكمة.