للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع أنواع المتشابه اللفظي في تفسير الإمام الرازي مع ذكر نماذج الإمام الرازي في تفسيره تعرض لأنواع المتشابه اللفظي المختلفة وتناولها بالتوجيه وبيان الفرق بين المواضع، بشكل يؤكد ويبرز بلاغة المتشابه اللفظي في تفسيره.]

وقد سبق الحديث على أنواع المتشابه اللفظي في الفصل الأول وبتطبيق هذه الأنواع على تفسير الرازي نجد أن الإمام الرازي قد استوعب كل الأنواع بالإضافة إلى إكثاره من توجيه المكرر.

*أمثلة من تفسير الإمام الرازي على أنواع المتشابه اللفظي:

[النوع الأول: المتشابه بالتقديم والتأخير: أكثر الإمام الرازي من توجيه المتشابه من نوع التقديم والتأخير]

ومثال ذلك: قوله في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} (١): «السؤال السادس: لم ذكر في البقرة: وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة وفي الأعراف قدم المؤخر؟

الجواب: الواو للجمع المطلق وأيضا فالمخاطبون بقوله: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة، يحتمل أن يقال: إن بعضهم كانوا مذنبين والبعض الآخر ما كانوا مذنبين، فالمذنب لا بد أن يكون اشتغاله بحط الذنوب مقدما على الاشتغال بالعبادة لأن التوبة عن الذنب مقدمة على الاشتغال بالعبادات المستقبلة لا محالة، فلا جرم كان تكليف هؤلاء أن يقولوا أولا «حطة» ثم يدخلوا الباب سجدا، وأما الذي لا يكون مذنبا فالأولى به أن يشتغل أولا بالعبادة ثم يذكر التوبة، ثانيا: على سبيل هضم النفس وإزالة العجب في فعل تلك العبادة فهؤلاء يجب أن يدخلوا الباب سجدا أولا ثم يقولوا حطة ثانيا، فلما احتمل كون أولئك المخاطبين منقسمين إلى هذين القسمين لا جرم ذكر الله تعالى حكم كل واحد منهما في سورة أخرى» (٢).

ومثال آخر: قوله في تفسير قول الله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى


(١) سورة البقرة، الآية: (٥٨).
(٢) التفسير الكبير، (٣/ ١٠٠).

<<  <   >  >>