للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الثاني: ملامح الاشتغال التطبيقي عند الرازي في توجيه المتشابه اللفظي]

أولًا: ما اعتمد عليه الإمام الرازي في التوجيه:

إن توجيه المتشابه عمل ليس باليسير ولكي يتمكن العالم من بيان الفروق الدقيقة بين المواضع فإنه يحتاج ليس فقط لعدة تفسيرية متكاملة كاللغة والحديث والقراءات وإنما كذلك يلزمه توظيف معطيات فنون أخرى كالبلاغة والسياق والفقه. والناظر في توجيه المتشابه عند الرازي يجد بروز هذه التكاملية في الادوات وهو ما مكنه من توجيه المتشابه على نحو مدقق بارع.

فقد اعتمد على اللغة والمعنى، وعلم النحو، والقراءات، والفقه، والحديث، والسياق، وظهرت بلاغة المتشابه اللفظي من تقديم وتأخير، وذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وعناية فائقة بتوجيه المكرر من الآيات والألفاظ، وغيرهم واضحة في توجيهه للمتشابه اللفظي فهو عالم بحر فمن الطبيعي أن نجد علمه الواسع في مختلف العلوم ظاهرًا جليًا في توجيه آيات المتشابه اللفظي.

[أ. علم النحو]

*ومن الأمثلة على استشهاد الإمام الرازي بعلم النحو في التوجيه: قال الإمام الرازي في قول الله عز وجل: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} (١)، ((قوله: (مما في بطونه) الضمير عائد إلى الأنعام فكان الواجب أن يقال مما في بطونها، وذكر النحويون فيها وجوهًا: الأول: أن لفظ الأنعام لفظ مفرد وضع لإفادة جمع، كالرهط والقوم والبقر والنعم، فهو بحسب اللفظ لفظ مفرد فيكون ضميره ضمير الواحد، وهو التذكير، وبحسب المعنى جمع فيكون ضميره ضمير الجمع، وهو التأنيث؛ فلهذا السبب قال ههنا في بطونه، وقال في سورة المؤمنين (في بطونها) (٢).


(١) سورة النحل، الآية: (٦٦ (.
(٢) نوع المتشابه: متشابه بالتذكير والتأنيث.

<<  <   >  >>