للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: أبرز من صنف في علم المتشابه اللفظي]

المتأمل في كتب المتشابه اللفظي يجد أن التصنيف فيه انقسم إلى اتجاهين:

الأول: جمع آيات المتشابه اللفظي دون توجيه:

بدأ التصنيف في علم المتشابه اللفظي بجمع الآيات المتشابهات دون التوجيه، وبيان سبب الاختلاف بين الموضعين، وكان من أوائل ما صُنف في هذا الشأن كتاب متشابه القرآن لعلي بن حمزة الكسائي (١) في القرن الثاني الهجري وقد صرح فيه بهدفه من تأليفه قائلًا: «ليكون كتابنا هذا عونًا للقارئ على قراءته وتقوية على حفظه» (٢).

الثاني: توجيه آيات المتشابه اللفظي:

معنى التوجيه لغةً: الوجه: مستقبل كل شئ ومنه قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (٣)، وَوَجَّه فلانًا في حاجة: أرسله، والوجه في المسألة: ما ظهر لك منها، ويقال: واجَهَهُ بقول أو نقد: جَبَهَه به وراجعه (٤).

وقد تحدث الإمام الكرماني (٥) في مقدمة كتابه «البرهان في متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان» عن معنى توجيه المتشابه اللفظي حيث قال: «ولكني أفردت هذا الكتاب لبيان المتشابه؛ فإن الأئمة - رحمهم الله تعالى - قد شرعوا في تصنيفه واقتصروا على ذكر الآية ونظيرتها، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها والفرق بين الآية ومثلها» (٦).


(١) هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز، الأسدي المعروف بالكسائي النحوي أحد أئمة القراء من أهل الكوفة. ولد في الكوفة نحو (١٢٠ هـ)، وقيل: في سبب تسميته الكسائي: أنه كان يحضر مجلس حمزة بالليل ملتفًا في كساء، وقيل: أحرم في كساء، فلقب الكسائي يُنظر: «إنباه الرواة على أنباه النحاة»، القفطي (٢/ ٢٥٦)، و «الأعلام»، للزركلي، (٤/ ٢٨٣).
(٢) يُنظر: «متشابه القرآن» للكسائي، تحقيق: د/ محمد محمد داود، دار المنار للنشر والتوزيع، (ص: ٤٠).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١١٥). ويُنظر: «تاج العروس من جواهر القاموس» للزبيدي، تحقيق: علي هلالي، ط ٢، الكويت، إصدار وزارة الإعلام، سلسلة التراث العربي، ١٤٠٧ هـ، (٣٦/ ٥٣٥ - ٥٤٠).
(٤) يُنظر: «المعجم الوسيط»، مجمع اللغة العربية، مصر، مكتبة الشروق الدولية، (٢/ ١٠١٥)، و «المعجم الوجيز»، مجمع اللغة العربية، مطابع الأهرام، مكتبة دبي للتوزيع (ص: ٦٦١، ٦٦٢).
(٥) هو محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكَرْماني، النحوي، تاج القراء، تُوفي سنة ٥٠٥ هـ تقريبًا، يُنظر ترجمته في: «غاية النهاية»، لابن الجزري (٢/ ٢٩١)، و «طبقات المفسرين» للداودي (٢/ ٣١٢).
(٦) «البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان»، للكرماني، تحقيق: السيد الجميلي، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، (ص: ١٢).

<<  <   >  >>