للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

مسائل المتشابه اللفظي التي اتفق الإمامان في توجيهها في اللفظ والتركيب

١ - اتفق الإمامان على توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (١)، بقوله تعالى: {هُدًى لِلنَّاسِ} (٢).

حيث قال الإمام الرازي: «ولو لم يكن للمتقي فضيلة إلا ما في قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (٣)، كفاه؛ لأنه تعالى بين أن القرآن هدى للناس في قوله: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن {هُدًى لِلنَّاسِ} (٤)، ثم قال هاهنا في القرآن: إنه هدى للمتقين، فهذا يدل على أن المتقين هم كل الناس، فمن لا يكون متقيا كأنه ليس بإنسان» (٥).

وقال الإمام الألوسي: «وبعض صحح أن القرآن في نفسه هدى في كل شيء حتى معرفة الله تعالى لمن تأمل في أدلته العقلية وحججه اليقينية كما يشعر به ظاهر قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ} (٦)، ويكون الاقتصار على المتقين هنا بناء على تفسيرنا الهداية مدحاً لهم ليبين سبحانه أنهم الذين اهتدوا وانتفعوا به كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يخشاها} (٧)، مع عموم إنذاره صلى الله عليه وسلم وأما غيرهم فلا {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً} (٨)، و {لا يَزِيدُ الظالمين إَلاَّ خَسَارًا} (٩)، وأما القول بأن التقدير هدى للمتقين والكافرين فحذف لدلالة المتقين على حد {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (١٠)، فمما لا يلتفت إليه» (١١).


(١) سورة البقرة، الآية: (٢).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢).
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٥) التفسير الكبير، (٢/ ٢٦٨).
(٦) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٧) سورة النازعات، الآية: (٤٥).
(٨) سورة الإسراء، الآية: (٤٥).
(٩) سورة الإسراء، الآية: (٨٢).
(١٠) سورة النحل، الآية: (٨١).
(١١) روح المعاني، (١/ ١١٢).

<<  <   >  >>