للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: ما ذكره أبو مسلم الأصفهاني: لا تقربوها أي لا تتعرضوا لها بالتغيير كقوله: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} (١).

الثالث: أن الأحكام المذكورة فيما قبل وإن كانت كثيرة إلا أن أقربها إلى هذه الآية إنما هو قوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٢)، وقبل هذه الآية قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٣) وذلك يوجب حرمة الأكل والشرب في النهار، وقبل هذه الآية قوله: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (٤) وهو يقتضي تحريم مواقعة غير الزوجة والمملوكة وتحريم مواقعتهما في غير المأتى وتحريم مواقعتهما في الحيض والنفاس والعدة والردة، وليس فيه إلا إباحة الشرب والأكل والوقاع في الليل، فلما كانت الأحكام المتقدمة أكثرها تحريمات، لا جرم غلب جانب التحريم فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها} أي تلك الأشياء التي منعتم عنها إنما منعتم عنها بمنع الله ونهيه عنها فلا تقربوها (٥).

*والشاهد أن الإمام الرازي قال (فكيف الجمع بينهما؟) فحاول الجمع بين الموضعين وهذا كثير في توجيهه لآيات المتشابه اللفظي (٦).

*خامسًا: أحيانا يجعل موضعي المتشابه اللفظي بمعنى واحد:

مثال: قال الإمام الرازي: «والعرب تضع هذه اللام في موضع " أن " قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} (٧)، وفي موضع آخر {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا} (٨) وهما بمعنى واحد» (٩).

*فالإمام الرازي جعل موضعي المتشابه (أن يطفئوا - ليطفئوا) بمعنى واحد؛ استنادًا لما ذهب إليه بعض النحاة من أن العرب تضع اللام في موضع "أن".


(١) سورة الإسراء، الآية: (٣٤).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٥) التفسير الكبير، (٥/ ١٢٤، ١٢٥).
(٦) التفسير الكبير، (٥/ ٩٢ - ٩٤)، (٢٥/ ٦٠ - ١١٠).
(٧) سورة التوبة، الآية: (٣٢).
(٨) سورة الصف، الآية: (٨).
(٩) التفسير الكبير، (١٤/ ١).

<<  <   >  >>