للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

ما انفرد به كل إمام عن الآخر

[المطلب الأول: ما انفرد به الإمام الرازي عن الإمام الألوسي]

أشرتُ من قبل أن الإمام الرازي وجه مسائل أكثر من الإمام الألوسي حوالي ضعف ما وجهه الإمام الألوسي، فمن الطبيعي أن ينفرد عنه بتوجيه الكثير من المسائل.

ومن المسائل التي انفرد الإمام الرازي بتوجيهها عن الإمام الألوسي:

١ - بتوجيه الفرق بين التعريف والتنكير في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (١)، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٢).

قال الإمام الرازي في هذه المسألة: «فلم جاءت النار الموصوفة بهذه الجملة منكرة في سورة التحريم وهاهنا معرفة؟ الجواب: تلك الآية نزلت بمكة فعرفوا منها نارا موصوفة بهذه الصفة ثم نزلت هذه بالمدينة مستندة إلى ما عرفوه أولا» (٣).

٢ - توجيه التذكير والتأنيث بين قوله تعالى: {فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} (٤)، وقوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} (٥).

قال الإمام الرازي في هذه المسألة: «والجواب: أن قوله كهيئة الطير أي هيئة مثل هيئة الطير فقوله فتنفخ فيها الضمير للكاف، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه في شيء. إذا عرفت هذا فنقول: الكاف تؤنث بحسب المعنى لدلالتها على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير وتذكر بحسب


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٤).
(٢) سورة التحريم، الآية: (٦)، ونوع المتشابه في هذه المسألة: متشابه بالتعريف والتنكير، تعريف النار في سورة البقرة وتنكيرها في سورة التحريم.
(٣) التفسير الكبير، (٢/ ١٣٣).
(٤) سورة آل عمران، الآية: (٤٩).
(٥) سورة المائدة، الآية: (١١٠)، ونوع المتشابه في هذه المسألة: متشابه بتذكير الضمير وتأنيثه.

<<  <   >  >>