للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَثَرِي} (١) فجائز أن يكون موسى أتى الطور عند تمام الثلاثين، فلما أعلمه الله خبر قومه مع السامري رجع إلى قومه قبل تمام ما وعده الله تعالى، ثم عاد إلى الميقات في عشرة أخرى، فتم أربعين ليلة.

الوجه الرابع: قال بعضهم لا يمتنع أن يكون الوعد الأول حضره موسى عليه السلام وحده، والوعد الثاني حضره المختارون معه ليسمعوا كلام الله تعالى، فصار الوعد مختلفًا لاختلاف حال الحاضرين. والله أعلم.

والجواب عن السؤال الثاني: أنه تعالى إنما قال (أربعين ليلة) إزالة لتوهم أن ذلك العشر من الثلاثين، كأنه كان عشرين ثم أتمه بعشر، فصار ثلاثين، فأزال هذا الإيهام» (٢).

[النوع العاشر: المتشابه بالإضافة وعدمها]

ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} (٣): «وعلى ذلك ففيه لطيفة وهي أن الله تعالى قال: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (٤)، وقال ههنا (بَطْشَتَنَا) ولم يقل (بطشنا) وذلك لأن قوله تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} بيان لجنس بطشه، فإذا كان جنسه شديد فكيف الكبرى منه؟، وأما لوط عليه السلام فذكر لهم البطشة الكبرى لئلا يكون مقصرًا في التبليغ» (٥).

وبهذا فإن الإمام الرازي استوعب في تفسيره جميع أنواع المتشابه اللفظي بالإضافة إلى إكثاره من توجيه المكرر من الآيات والقصص، وقد ذكرت أمثلة كثيرة من قبل.


(١) سورة طه، الآيتان: (٨٣، ٨٤).
(٢) التفسير الكبير، (١٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٣) سورة القمر، الآية: (٣٦).
(٤) سورة البروج، الآية: (١٢).
(٥) التفسير الكبير، (٢٩/ ٦٠ - ٦١).

<<  <   >  >>