للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*د. السياق:

كما اعتمد الإمام الرازي على السياق في التوجيه ومن الأمثلة على ذلك عند ذكر الفرق بين (خطايا- خطيئات) قال: «لِم قال في البقرة: نغفر لكم خطاياكم وفي الأعراف: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ}؟

الجواب: الخطايا جمع الكثرة والخطيئات جمع السلامة فهو للقلة، وفي سورة البقرة لما أضاف ذلك القول إلى نفسه فقال: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ}، لا جرم قرن به ما يليق جوده وكرمه وهو غفران الذنوب الكثيرة، فذكر بلفظ الجمع الدال على الكثرة، وفي الأعراف لما لم يضف ذلك إلى نفسه بل قال: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ} لا جرم ذكر ذلك بجمع القلة، فالحاصل أنه لما ذكر الفاعل ذكر ما يليق بكرمه من غفران الخطايا الكثيرة وفي الأعراف لما لم يسم الفاعل لم يذكر اللفظ الدال على الكثرة» (١).

[هـ. بلاغة المتشابه اللفظي في تفسير الرازي]

ظهرت بلاغة المتشابه اللفظي من تقديم وتأخير، وذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وعناية فائقة بتوجيه المكرر من الآيات والألفاظ، وغيرهم واضحة في توجيهه للمتشابه اللفظي، وسأذكر العديد من الأمثلة على ذلك عند الحديث عن أنواع المتشابه اللفظي في تفسير الرازي.

ثانيًا: الإمام الرازي أحيانًا يعقد مقارنة في المتشابه اللفظي بين آية وحديث:

ومن الأمثلة على ذلك: «لقائل أن يقول لم وُصف المهديون بالكثرة -يقصد قوله تعالى: {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} (٢) - والقلة صفتهم لقوله {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (٣)، {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}، ولحديث «الناس كأبل مائة لا تجد فيها راحلة» (٤)، وحديث «الناس أخبر قلة» (٥).


(١) التفسير الكبير، (٣/ ٩٩).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٦).
(٣) سورة سبأ، الآية: (١٣).
(٤) متفق عليه: رواه البخاري في «صحيحه»، كتاب الرقاق، باب رفع الأمانة (٨/ ١٠٤)، حديث رقم: (٦٤٩٨)، ومسلم في «صحيحه»، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب قوله صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة (٤/ ١٩٧٣)، حديث رقم: (٢٥٤٧) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٥) لم أقف عليه بهذا اللفظ وقد رَوَاهُ ابْن عدي فِي الكامل في ضعفاء الرجال (٢/ ٢١٠)، عن أبي الدرداء بلفظ: «وَجَدْتُ النَّاسَ اخْبُرْ تَقْلِهْ» ينظر: اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة (ص: ١١١)، المقاصد الحسنة، للسخاوي وضعفه (ص: ٤٥).

<<  <   >  >>