للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسؤال الثاني: لم اكتفى هاهنا باعادة ثلاثة أنواع من الدلائل وحذف الخمسة الباقية؟

والسؤال الثالث: لم قال هناك: {لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وقال هاهنا: {لأُوْلِى الألباب}.

فذكر في سورة البقرة ثمانية أنواع من الدلائل، ثم أعاد في هذه السورة ثلاثة أنواع منها، تنبيها على أن العارف بعد صيرورته عارفا لابد له من تقليل الالتفات الى الدلائل ليكمل له الاستغراق في معرفة المدلول، فكان الغرض من إعادة ثلاثة أنواع من الدلائل وحذف البقية، التنبيه على ما ذكرناه، ثم إنه تعالى استقصى في هذه الآية الدلائل السماوية وحذف الدلائل الخمسة الباقية، التي هي الدلائل الأرضية، وذلك لأن الدلائل السماوية أقهر وأبهر، والعجائب فيها أكثر، وانتقال القلب منها الى عظمة الله وكبريائه أشد، ثم ختم تلك الآية بقوله: {لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وختم هذه الآية بقوله: {لأُوْلِى الألباب} لأن العقل له ظاهر وله لب، ففي أول الأمر يكون عقلا، وفي كمال الحال يكون لبا، وهذا أيضا يقوي ما ذكرناه، فهذا ما خطر بالبال، والله أعلم بأسرار كلامه العظيم الكريم الحكيم» (١).

[المطلب الثاني: ما انفرد به الإمام الرازي عن الألوسي]

كما انفرد الإمام الألوسي عن الإمام الرازي بتوجيه العديد من المسائل منها:

١ - الفرق بين إبدال قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} (٢)، بقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا} (٣).

قال الإمام الألوسي: «وغير سبحانه الأسلوب حيث قال أولاً: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} (٤) وهنا {وَإِذَا قُلْنَا} بضمير العظمة لأن في الأول خلق آدم واستخلافه، فناسب ذكر الربوبية مضافاً إلى أحب خلفائه إليه وهنا المقام مقام إيراد أمر يناسب العظمة وأيضاً في السجود تعظيم، فلما أمر بفعله لغيره أشار إلى كبريائه الغنية عن التعظيم» (٥).


(١) التفسير الكبير، (٩/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٣٠).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٣٤).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٣٠).
(٥) روح المعاني، (١/ ٢٣٠).

<<  <   >  >>