للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطالع ربي وقال: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (١)، أي: ذكر هذا الشئ، واعلم أن هذا يجوز فيما يكون تأنيثه غير حقيقي، أما الذي تأنيثه حقيقًا، فلا يجوز، فإنه لا يجوز في مستقيم الكلام أن يقال جاريتك ذهب، ولا غلامك ذهبت على تقدير أن نحمله على النسمة، الثالث: أن فيه إضمارًا والتقدير: نسقيكم مما في بطونه اللبن إذ ليس كلها ذات لبن» (٢).

مثال آخر: قوله في تفسير قوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} (٣): «أنه تعالى ذكر ههنا (فَتَنْفُخُ فِيهَا) وذكر في آل عمران (فَأَنْفُخُ فِيهِ).

والجواب: أن قوله (كهيئة الطير) أي هيئة مثل هيئة الطير فقوله (فتنفخ فيها) الضمير للكاف لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضافة إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخة في شئ.

إذا عرفت هذا فنقول: الكاف تؤنث بحسب المعنى لدلالتها على الهيئة التي هي مثل هيئة الطير وتذكر بحسب الظاهر. وإذا كان كذلك جاز أن يقع الضمير عنها تارة على وجه التذكير وأخرى على وجه التأنيث» (٤).

[النوع السادس: المتشابه بالتعريف والتنكير]

ومن ذلك قوله عند تفسيرقوله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (٥): «فإن قيل: قال ههنا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ذكر الحق بالألف واللام معرفة، وقال في سورة آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (٦) نكرة وكذلك في هذه السورة: {وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٧) فما الفرق؟ الجواب: الحق معلوم فيما بين المسلمين الذي يوجب القتل،


(١) سورة عبس، الآيتان: (١١، ١٢).
(٢) التفسير الكبير، (٢٠/ ٦٦).
(٣) سورة المائدة، الآية: (١١٠).
(٤) التفسير الكبير، (١٢/ ١٣٤).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٦١).
(٦) سورة آل عمران، الآية: (٢١).
(٧) سورة آل عمران، الآية: (١١٢).

<<  <   >  >>