للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب عن هذا السؤال كالجواب في الخطايا والخطيئات لأنه لما أسند الفعل إلى نفسه لا جرم ذكر معه الإنعام الأعظم وهو أن يأكلوا رغدا، وفي الأعراف لما لم يسند الفعل إلى نفسه لم يذكر الإنعام الأعظم فيه» (١).

[النوع الرابع: المتشابه بالجمع والإفراد]

ومن ذلك قوله قال الرازي: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً}: «ذكر ههنا: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً} وفي آل عمران: {إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَات} ولقائل أن يقول لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو "أيامًا"؟

والجواب: أن الاسم كان مذكرًا فالأصل في صفة الجمع التاء يقال كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان الأصل في صفة الجمع الألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادرًا نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى (في أيام معدودات) و (في أيام معلومات) فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل (أيامًا معدودة)، وفي آل عمران بما هو الفرع» (٢).

[النوع الخامس: المتشابه بالتذكير والتأنيث]

ومن ذلك قوله في تفسير قول الله عز وجل: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} (٣): «قوله: {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} الضمير عائد إلى الإنعام فكان الواجب أن يقال مما في بطونها، وذكر النحويون فيها وجوهًا: الأول: أن لفظ الأنعام لفظ مفرد وضع لافادة جمع، كالرهط والقوم والبقر والنعم، فهو بحسب اللفظ لفظ مفرد فيكون ضميره ضمير الجمع، وهو التأنيث، فلهذا السبب قال ههنا في بطونه، وقال في سورة المؤمنين (في بطونها) الثاني قوله (في بطونه) أي في بطون ما ذكرناه وهذا جواب الكسائي، قال المبرد: هذا شائع في القرآن، قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا} يعني هذا الشئ


(١) التفسير الكبير (٣/ ٩٩).
(٢) التفسير الكبير، (٣/ ١٥٢، ١٥٣).
(٣) سورة النحل، الآية: (٦٦).

<<  <   >  >>