للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عليه السلام: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق» (١)، فالحق المذكور بحرف التعريف إشارة إلى هذا، وأما الحق المنكر فالمراد به تأكيد العموم أي لم يكن هناك حق لا هذا الذي يعرفه المسلمون ولا غيره البتة (٢).

[النوع السابع: المتشابه بالإظهار والإضمار]

ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (٣): «فإن قيل: لم قالوا في هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} وقالوا في تلك الآية {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَاد}. قلت: الفرق والله أعلم أن هذه الآية في مقام الهيبة، يعني أن الإلهية تقتضي الحشر والنشر لينتصف المظلومين من الظالمين، فكان ذكره باسمه الأعظم أولى في هذا المقام، أما قوله في آخر السورة {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} فذاك المقام مقام طلب العبد من ربه أن ينعم عليه بفضله، وأن يتجاوز عن سيئاته فلم يكن المقام مقام هيبة، فلا جرم قال: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}» (٤).

[النوع الثامن: المتشابه باختلاف الصيغة الصرفية]

ومن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: «قال: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٥)، وأما هود عليه السلام فقال: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (٦) فنوح عليه السلام قال (أَنْصَحُ لَكُمْ) وهو صيغة الفعل وهود عليه السلام قال: (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ) وهو صيغة اسم الفاعل ونوح عليه السلام قال {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وهود عليه السلام لم يقل ذلك، ولكنه زاد فيه كونه أمينًا، والفرق بين الصورتين أن الشيخ عبد القاهر النحوي ذكر في كتابه دلائل الإعجاز أن صيغة الفعل تدل على التجدد ساعة فساعة، وأما صيغة اسم الفاعل فإنها دالة على الثبات والاستمرار على ذلك الفعل.


(١) سبق تخريجه (ص: ٤٢).
(٢) التفسير الكبير، (٣/ ١١١).
(٣) سورة آل عمران، الآية: (٩).
(٤) التفسير الكبير، (٧/ ١٩٧).
(٥) سورة الأعراف، الآية: (٦٢).
(٦) سورة الأعراف، الآية: (٦٨).

<<  <   >  >>