للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول أهم الملامح والسمات التي تميز بها منهج الإمام الرازي في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم]

سأجعل الكلام مقسوما على قسمين؛ أحدهما لبيان بعض الأمور الوصفية العامة بطريقة الرازي في التعامل مع توجيه المتشابه اللفظي والثاني يوصف الجانب التطبيقي عند الرازي في توجيه المتشابه.

[القسم الأول: المسلك العام للرازي في توجيه المتشابه]

أولًا: طريقة الإمام الرازي في عرض المتشابه:

*الإمام الرازي في كثير من الأحيان يعرض المتشابه اللفظي بأسلوب المناقشة ومخاطبة القارئ، وهو الأسلوب الذي اعتمده الإمام الإسكافي، وسار عليه أكثر من صنف في هذا العلم (١).

يبدأ بعرض المتشابه بأسلوب التشويق كقوله: «لِم قال ههنا … »، أو «وفي موضع آخر … »، أو «فإن قال قائل … »، أو «فإن قيل … »، وأحيانا يبدأ صيغة السؤال بقوله: «ما الفرق؟»، وأحيانا بقوله: «ما الفائدة؟»، كما فعل الإمام الإسكافي ومن سار خلفه من علماء المتشابه اللفظي في كتبهم المستقلة التي خصصوها لتوجيه آيات المتشابه اللفظي. *مثال: قال الإمام الرازي: «لم قال ههنا: {لَا رَيْبَ فِيهِ} (٢)، وفي موضع آخر {لَا فِيهَا غَوْلٌ} (٣)؟ الجواب: لأنهم يقدمون الأهم فالأهم، وههنا الأهم نفي الريب بالكلية عن الكتاب، ولو قلت: لا فيه ريب لأوهم أن هناك كتاب آخر حصل الريب فيه لا هاهنا، كما قصد في قوله: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} تفضيل خمر الجنة على خمور الدنيا، فإنها لا تغتال العقول كما تغتالها خمرة الدنيا» (٤).


(١) للمزيد يُنظر: درة التنزيل وغرة التأويل للإسكافي (١/ ١٤٣، ١٤٤).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢).
(٣) سورة الصافات، الآية: (٤٧).
(٤) يُنظر: التفسير الكبير (٢/ ٢١).

<<  <   >  >>