للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ب. علم النحو]

من الأمثلة على استشهاده بعلم النحو في التوجيه قال في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (١): «وقوله سبحانه في الظلمات أي في ظلمات الكفر وأنواعه أو في ظلمة الجهل وظلمة العناد وظلمة التقليد في الباطل إما خبر بعد خبر للموصول على أنه واقع موقع عمى كما في قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} (٢) ووجه ترك العطف فيه دون ما تقدمه الإيماء إلى أنه وحده كاف في الذم والإعراض عن الحق، واختير العطف فيما تقدم للتلازم، وقد يترك رعاية لنكتة أخرى وإما متعلق بمحذوف وقع حالا من المستكن في الخبر كأنه قيل: ضالون خابطين أو كائنين في الظلمات. ورجحت الحالية بأنها أبلغ إذ يفهم حينئذ أن صممهم وبكمهم مقيد بحال كونهم في ظلمات الكفر أو الجهل وأخويه حتى لو أخرجوا منها لسمعوا ونطقوا، وعليها لا يحتاج إلى بيان وجه ترك العطف. وجوز أبو البقاء أن يكون خبر مبتدإ محذوف أي هم في الظلمات وأن يكون صفة لـ (بكم) أو ظرفا له أو لـ (صم) أو لما ينوب عنهما من الفعل» (٣).

[ج. علم القراءات]

قال في تفسير قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٤): «{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}، أي: ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {دَائِرَةُ السُّوء} بالضم (٥)، والفرق بينه وبين {السوء} بالفتح على ما في الصحاح أن المفتوح مصدر والمضموم اسم مصدر بمعنى المساءة.


(١) سورة الأنعام، الآية: (٣٩).
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨).
(٣) روح المعاني، (٤/ ١٤٠).
(٤) سورة الفتح، الآية: (٦).
(٥) يُنظر: النشر في القراءات العشر، محمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري، أشرف على تصحيحه: محمد على الضباع، الجزء الثاني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، (٢/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>