للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجميع وذكر الثاني للتفسير، وترك العطف في السورتين ظاهر والعطف هنا لعد التفسير لكونه أوفى بالمراد وأظهر منزلة المغاير وهو وجه حسن أيضًا (١).

[النوع الرابع: المتشابه بالجمع والإفراد]

ومن ذلك قول الإمام الألوسي عند تفسيره قوله تعالى: {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢).

وأما ما قيل من إفراد الدرجة أولا لأن المراد هناك تفضيل كل مجاهد، والجمع ثانياً لأن المراد فيه تفضيل الجمع ففي الدرجات مقابلة الجمع بالجمع، فلكل مجاهد درجة ومآل العبارتين واحد والاختلاف تفنن، فمن الكلام الملفوظ لا من اللوح المحفوظ، وإما للاختلاف بالذات بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات، وفي هذا رغب الراغب، واستطيبه الطيبي على أن المراد بالتفضيل الأول ما خولهم الله تعالى عاجلاً في الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل الحقيقي بكونه درجة واحدة، وبالتفضيل الثاني ما ادخره سبحانه لهم من الدرجات العالية والمنازل الرفيعة المتعالية عن الحصر كما ينباء عنه تقديم الأول وتأخير الثاني وتوسيط الوعد بالجنة بينهما، كأنه قيل: فضلهم عليهم في الدنيا درجة واحدة، وفي الأخرى درجات لا تحصى، وقد وسط بينهما في الذكر ما هو متوسط بينهما في الوجود أعني الوعد بالجنة توضيحاً لحالهما ومسارعة إلى تسلية المفضول كذا قرره الفاضل مولانا شيخ الإسلام، وقيل: المراد من التفضيل الأول رضوان الله تعالى ونعيمه الروحاني، ومن التفضيل الثاني نعيم الجنة المحسوس، وفيه أن عطف المغفرة والرحمة يبعد هذا التخصيص، وقيل: المراد من المجاهدين الأولين من جاهد الكفار، ومن المجاهدين الآخرين من جاهد نفسه، وزيد لهم في الأجر لمزيد فضلهم كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» (٣) وفيه أن السياق وسبب النزول يأبيان ذلك، والحديث الذي ذكره لا أصل له كما قال المحدثون (٤).


(١) روح المعاني، (٧/ ١٨٠).
(٢) سورة النساء، الآية: (٩٦).
(٣) حديث منكر وسبق تخريجه (ص: ٤٦).
(٤) روح المعاني، (٣/ ١١٩، ١٢٠).

<<  <   >  >>