للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال غير واحد: هما لغتان بمعنى كالكره والكره عند الكسائي وكلاهما في الأصل مصدر غير أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه والمضموم جري مجري الشر، ولما كانت الدائرة هنا محمودة وأضيفت إلى المفتوح في قراءة الأكثر تعين على هذا أن يقال: إن ذاك على تأويل انها مذمومة بالنسبة إلى من دارت عليه من المنافقين والمشركين واستعمالها في المكروه أكثر وهي مصدر بزنة اسم الفاعل أو اسم فاعل، وإضافتها على ما قال الطيبي من إضافة الموصوف إلى الصفة للبيان على المبالغة، وفي الكشف الإضافة بمعنى من على نحو دائرة ذهب فتدبر» (١).

[د. السياق]

ومن الأمثلة على اعتماده على السياق: قال في الفرق بين التقديم والتأخير في قوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} (٢)، وقوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِر} (٣).

قال الإمام الألوسي: «وجاء في سورة النحل: {وَتَرَى الفلك مَوَاخِرَ فِيهِ} بتقديم {مَوَاخِرَ} وتأخير {فِيهِ} وعكس ههنا فقيل في وجه؛ لأنه علق {فِيهِ} هنا بترى وثمت بمواخر، ولا يحسم مادة السؤال. والذي يظهر لي في ذلك أن آية النحل سيقت لتعداد النعم كما يؤذن بذاك سوابقها ولواحقها وتعقيب الآيات بقوله سبحانه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا} (٤) فكان الأهم هناك تقديم ما هو نعمة وهو مخر الفلك للماء بخلاف ما هنا فإنه إنما سيق استطراداً أو تتمة للتمثيل كما علمت آنفاً فقدم فيه {فِيهِ} إيذاناً بأنه ليس المقصود بالذات ذلك (٥).

هـ. بلاغة المتشابه اللفظي في تفسير الألوسي: ظهرت بلاغة المتشابه اللفظي من تقديم وتأخير، وذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وغيرهم واضحة في توجيهه للمتشابه اللفظي، وسأذكر العديد من الأمثلة على ذلك عند الحديث عن أنواع المتشابه اللفظي في تفسير الألوسي.


(١) روح المعاني، (١٣/ ٢٤٩).
(٢) سورة النحل، الآية: (١٤).
(٣) سورة فاطر، الآية: (١٢).
(٤) سورة إبراهيم، الآية: (٣٤).
(٥) روح المعاني، (١١/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>