للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه وإن كان مجتازًا فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجزاء بالشرط وجب العطف بالواو دون الفاء إذا ثبت هذا فنقول: إن "اسكن" يقال لمن دخل مكانًا فيراد منه الزم المكان الذي دخلته ولا تنتقل عنه، ويقال أيضًا لمن لم يدخل اسكن هذا المكان يعني ادخله واسكن فيه ففي سورة البقرة هذا الأمر إنما ورد بعد أن كان آدم في الجنة فكان المراد منه اللبث والاستقرار، وقد بينا أن الأكل لا يتعلق به فلا جرم ورد بلفظ الواو، وفي سورة الأعراف هذا الأمر إنما ورد قيل أن دخل الجنة فكان المراد منه دخول الجنة، وقد بينا أن الأكل يتعلق به فلا جرم ورد بلفظ الفاء والله أعلم» (١).

مثال آخر:

قال الإمام الرازي عند تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (٢): «قال ههنا (٣) {وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا} وقال في سورة العنكبوت: {وَجَعَلْنَاهَا آيَةً} (٤) قلنا: هما وإن كانا في المعنى واحدًا على ما تقدم بيانه لكن لفظ الترك يدل على الجعل والفراغ بالأيام فكأنها هنا مذكورة بالتفصيل حيث أن الأمطار من السماء وتفجير الأرض وذكر السفينة بقوله {ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (٥)، وذكر جريها فقال: {تَّرَكْنَاهَا} إشارة إلى تمام الفعل المقدور، وقال هناك (وَجَعَلْنَاهَا) إشارة إلى بعض ذلك» (٦).

[النوع الثالث: المتشابه بالإثبات والحذف]

ومن ذلك قول الإمام الرازي عند تفسيره قوله تعالى: «السؤال الخامس: لم ذكر قوله: رغدا في البقرة وحذفه في الأعراف؟


(١) التفسير الكبير، (٣/ ٤ - ٥).
(٢) سورة القمر، الآية: (١٥).
(٣) يقصد سورة القمر.
(٤) سورة العنكبوت، الآية: (١٥).
(٥) سورة القمر، الآية: (١٣).
(٦) التفسير الكبير، (٢٩/ ٤١).

<<  <   >  >>