الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن من أعظم العلوم التي يفني المرء عمره في تعلمها هي علوم القرآن، وتفسيره، وتدبره، حتى يعبد الله على بصيرة، وحتى يتدبر كتاب الله، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(١).
ومن أجل العلوم التى عُنيت بالقرآن وإظهار كنوزه (علم المتشابه اللفظي)، الذي اهتم علماؤه بتوضيح سبب اختلاف التعبير القرآني من موضع لآخر، وإبطال مزاعم التكرار في النص القرآني، وإبراز بلاغة التعبير القرآني في كل موضع من المواضع.
فإن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار، والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، ولو كان كل فن من العلوم شيئًا واحدًا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خفيّ ولا جليّ؛ لأن فضائل الأشياء تعرف بأضدادها، فالخير يعرف بالشر، والنفع يعرف بالضرّ، والمحكم يعرف بالمتشابه. وإن مما يفيد في حفظ القرآن، معرفة الآيات المتشابهة الألفاظ وكيفية التمييز بينها.
وقد كُنت عند تلاوة القرآن أقف عند بعض الآيات المتشابهة الألفاظ لمعرفة أماكن ورودها في القرآن، وأتأمل في التمييز بين تلك الآيات، فتيسّر لي معرفة آيات كثيرة متشابهة الألفاظ، وذلك بالتقديم والتأخير، أو زيادة حرف أو أكثر، أو كلمة فأكثر.
وقد تصدى كثير من العلماء والمفسرين لتوجيه آيات المتشابه اللفظي في القرآن الكريم، وكان من أهم التفاسير التي تناولت آيات المتشابه اللفظي بالتوجيه تفسيرا الإمامين الرازي والألوسي، فعكفت عليهما دراسة وتطبيقًا مع استقراء توجيه آيات المتشابه اللفظي التي نص عليها الإمامان، مع بيان ما أضافه هذان العالمان الجليلان لهذا العلم.