للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*ب. علم القراءات:

كما يتضح اعتماد الإمام الرازي على علم القراءات في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم.

فيقول في الفرق بين (أنجينا - نجَّينا):

((المسألة الأولى: قرأ عاصم وحمزة والكسائي (قل من ينجيكم) بالتشديد في الكلمتين، والباقون بالتخفيف. قال الواحدي: والتشديد والتخفيف لغتان منقولتان من نجا، فإن شئت نقلت بالهمزة، وإن شئت نقلت بتضعيف العين: مثل: أفرحته وفرحته، وأغرمته وغرمته، وفي القرآن {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (١)، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} (٢) ولما جاء التنزيل باللغتين معا ظهر استواء القراءتين في الحسن، غير أن الاختيار التشديد، لأن ذلك من الله كان غير مرة، وأيضا قرأ عاصم في رواية أبي بكر خفية بكسر الخاء والباقون بالضم، وهما لغتان، وعلى هذا الاختلاف في سورة الأعراف، وعن الأخفش في خفية وخفية أنهما لغتان، وأيضا الخفية من الإخفاء، والخفية من الرهب، وأيضا {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ} (٣). قرأ عاصم وحمزة والكسائي لئن أنجانا على المغايبة، والباقون لئن أنجيتنا على الخطاب، فأما الأولون: وهم الذين قرءوا على المغايبة، فقد اختلفوا. قرأ عاصم بالتفخيم، والباقون بالإمالة، وحجة من قرأ على المغايبة أن ما قبل هذا اللفظ، وما بعده مذكور بلفظ المغايبة، فأما ما قبله فقوله: تدعونه وأما ما بعده فقوله: قل الله ينجيكم منها وأيضا فالقراءة بلفظ الخطاب توجب الإضمار، والتقدير: يقولون لئن أنجيتنا، والإضمار خلاف الأصل. وحجة من قرأ على المخاطبة قوله تعالى في آية أخرى {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ})) (٤).

*ويقول في تفسير قول الله عز وجل {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} (٥): «قُرئ خطيئاتهم بالهمزة وخطياتهم بقلبها ياء وإدغامها وخطاياهم وخطيئتهم


(١) سورة الأعراف، الآية: (٧٢).
(٢) سورة فصلت، الآية: (١٨).
(٣) سورة يونس، الآية: (٢٢).
(٤) التفسير الكبير، (١٣/ ٢٢).
(٥) سورة نوح، الآية: (٢٥ (.

<<  <   >  >>