للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعرض رأي الإمامين يتضح أنهما اتفقا معًا في التوجيه، وأن المنتفع بالهدى حقًا هم المتقون.

٢ - اتفق الإمامان في توجيه الفرق بين قوله: {أَيَّامًا مَّعْدُودَة} (١) بالإفراد، و {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} (٢) بالجمع.

حيث قال الإمام الرازي: «ذكر هاهنا: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَة} (٣) وفي آل عمران: {إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} (٤) ولقائل أن يقول: لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو (أيامًا)؟

والجواب: أن الاسم إن كان مذكرا فالأصل في صفة جمعه التاء. يقال: كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان مؤنثا كان الأصل في صفة جمعه الألف والتاء، يقال: جرة وجرار مكسورات وخابية وخوابي مكسورات. إلا أنه قد يوجد الجمع بالألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادرا نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى: في أيام معدودات وفي أيام معلومات فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله: أياما معدودة وفي آل عمران بما هو الفرع» (٥).

وقال الإمام الألوسي: «وجاء هنا {مَّعْدُودَاتٍ} بصيغة الجمع دون ما في البقرة (٨٠) فإنه {مَّعْدُودَةً} بصيغة المفرد تفننًا في التعبير، وذلك لأن جمع التكسير لغير العاقل يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة تارة ومعاملة جمع الإناث أخرى فيقال: هذه جبال راسية، وإن شئت قلت راسيات، وجمال ماشية وإن شئت ماشيات، وخص الجمع هنا لما فيه من الدلالة على القلة كموصوفه وذلك أليق بمقام التعجيب والتشنيع» (٦).


(١) سورة البقرة، الآية: (٨٠).
(٢) سورة آل عمران، الآية: (٢٤).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٨٠).
(٤) سورة آل عمران، الآية: (٢٤).
(٥) التفسير الكبير، (٣/ ٥٦٧).
(٦) روح المعاني، (٢/ ١٠٧ - ١٠٨).

<<  <   >  >>