للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقول بنت الشاطئ: «وأما تعليل الحذف برعاية الفاصلة فليس من المقبول عندنا أن يقوم البيان القرآني على اعتبار لفظي محض، وإنما الحذف لمقتضى معنوي بلاغي، يقويه الأداء اللفظي، دون أن يكون الملحظ الشكلي هو الأصل.

ولو كان البيان القرآني يتعلق بمثل هذا لما عدل عن رعاية الفاصلة في آخر سوره الضحى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (١) وليس في السورة كلها ثاء فاصلة، بل ليس فيها حرف الثاء على الإطلاق، ولم يقل تعالى: فخبر، لتتفق الفواصل على مذهب أصحاب الصنعة ومن يتعلقون به» (٢).

أما بالنسبة للثلاثة مسائل اللاتي حملهن الإمام الألوسي على مراعاة الفواصل فهن:

المسألة الأولى: عند تفسيره لقول الله عز وجل: {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} (٣) قال: «ولذا قدم هارون في محل آخر لأنه أدخل في دفع التوهم أو لأجل الفاصلة أو لأنه أكبر سناً منه، وقدم موسى هنا لشرفه أو للفاصلة، وأما كون الفواصل في كلام الله تعالى لا في كلامهم فقد قيل: إنه لا يضر» (٤).

المسألة الثانية: عند تفسيره لقول الله عز وجل: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (٥)، قال: «ووقع في آية أخرى {الْأَخْسَرُونَ} (٦) وذلك لاقتضاء المقام على ما لا يخفى على الناظر فيه أو لأنه وقع في الفواصل هنا اعتماد الألف كالكافرين والغافلين فعبر به لرعاية ذلك وهو أمر سهل» (٧).


(١) سورة الضحى، الآيات: (٩ - ١١).
(٢) التفسير البياني للقرآن الكريم، د/ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، دار المعارف، الطبعة السابعة، (١/ ٣٥).
(٣) سورة الأعراف، الآيتان: (١٢١، ١٢٢).
(٤) روح المعاني، (٥/ ٢٧)، نوع المتشابه في هذه المسألة: متشابه بالتقديم والتأخير.
(٥) سورة النحل، الآية: (١٠٩).
(٦) سورة هود، الآية: (٢٢).
(٧) روح المعاني، (٧/ ٤٧٤)، نوع المتشابه في هذه المسألة: متشابه باختلاف الصيغة الصرفية (الخاسرون) اسم فاعل، (الأخسرون) صيغة مبالغة.

<<  <   >  >>