للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأ الإمام الرازي كتابة تفسيره في آخر حياته، بعد أن جاوز الخمسين من عمره، وبعد أن حصل من العلوم المختلفة ما يؤهله للقيام بهذا العمل، وبعدما نضج عقله وكون فكره واكتملت أدواته، فأعطى عصارة جهده لهذا التفسير الضخم الكبير (١).

وقد بين الإمام الرازي سبب تأليفه لتفسيره فقال في مقدمته: (اعلم أنه مر على لساني في بعض الأوقات أن هذه السورة الكريمة (يقصد سورة الفاتحة) يمكن أن يستنبط من فوائدها ونفائسها عشرة آلاف مسألة، فاستبعد هذا بعض الحساد، وقوم من أهل الجهل والغي والعناد، وحملوا ذلك على ما ألفوه من أنفسهم من التعليقات الفارغة عن المعاني، والكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد والمباني، فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على ما ذكرناه أمر ممكن الحصول قريب الوصول (٢).

اختلف العلماء في مسألة نسبة التفسير الكبير كله إلى الرازي، والذي يقرأ التفسير الكبير لا يكاد يلحظ فيه تفاوتًا في المنهج والمسلك، بل يجري الكتاب من أوله إلى آخره على نمط واحد وطريقة واحدة، تجعل الناظر فيه يجزم أن الكتاب من أوله إلى آخره هو من تأليف الرازي (٣).

وقد سار الإمام الرازي في تفسيره على المنهج التحليلي، فتراه يتبع طريقة التحليل والتفصيل التام للنص القرآني (٤)، وما يتعلق به من مباحث أصولية، وكلامية، وفقهية، ولغوية، ونحوية، وبلاغية، وكونية ورياضية وغيرها (٥).

وقد جمع الإمام الرازي في تفسيره من الغرائب والعجائب، فاتسم تفسيره بكثرة الاستنباطات والاستطرادات التي تبعد كثيرًا عن مجال التفسير (٦).


(١) يُنظر: «وفيات الأعيان»، (٣/ ٢٤٩).
(٢) يُنظر: «التفسير الكبير» (١/ ١١).
(٣) «التفسير والمفسرين»، للذهبي، دار الحديث، القاهرة، (١/ ٢٥١).
(٤) «تفسير الفخر الرازي للكفر في القرآن الكريم»، لمحمد محمود، رسالة دكتوراة، مقدمة لقسم التفسير، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، (١/ ٣٣). «التناسب في تفسير الرازي» لمنال المسعودي رسالة دكتوراة جامعة أم القرى، (ص: ٥٥، ٥٦).
(٥) يُنظر: فلاسفة الإسلام، لفتح الله خليف، دار الجامعات المصرية، الإسكندرية، (ص: ٣١٥ - ٣٣٧).
(٦) يُنظر: البحر المحيط، لأبي حيان، دراسة وتحقيق: الشيخ عادل أحمد، والشيخ على محمد معوض وآخرون، دار الكتب العلمية، بيروت ط ١، (١/ ٥١١).

<<  <   >  >>