للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعراف (فانبجست) وبينهما تناقض لأن الانفجار خروج الماء بكثرة والانبجاس خروج الماء قليلا.

الجواب من ثلاثة أوجه:

أحدها: الفجر الشق في الأصل، والانفجار الانشقاق، ومنه الفاجر؛ لأنه يشق عصا المسلمين بخروجه إلى الفسق، والانبجاس اسم للشق الضيق القليل فهما مختلفان اختلاف العام والخاص فلا يتناقضان.

وثانيها: لعله انبجس أولا ثم انفجر ثانيا، وكذا العيون يظهر منها الماء قليلا ثم يكثر لدوام خروجه.

وثالثها: لا يمتنع أن حاجتهم كانت تشتد إلى الماء فينفجر، أي يخرج الماء كثيرًا ثم كانت تقل فكان ينبجس أي يخرج قليلًا (١).

من خلال الأمثلة يتضح أن الإمام الرازي أطال التوجيه وذكر عدة أوجه لاختلاف اللفظ من موضع لآخر وهذا مُلاحظ في بعض مسائل المتشابه اللفظي التي تناولها الإمام الرازي بالتوجيه (٢).

ج. طول النفس في توجيه جميع مسائل المتشابه اللفظي بين الآيات في بعض المواضع:

أطال النفس في توجيه المتشابه اللفظي بين الآيات في بعض المواضع، وتناول توجيه جميع المتشابهات الواردة بين الآيات، ووصل أحيانا إلى عشرة فروق بين الآيتين تناولهم جميعًا بالتوجيه والتحليل دون كلل.

ومن ذلك توجيه الإمام الرازي للفروق بين الآيات في سورتي البقرة والأعراف:

قول الله عز وجل في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (٣).


(١) التفسير الكبير، (٣/ ١٠٣).
(٢) يُنظر: التفسير الكبير، (٢/ ٣، ١٧٠)، (٣/ ٤، ٢٨، ٢٠٧).
(٣) سورة البقرة، الآيتان: (٥٨، ٥٩).

<<  <   >  >>