للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*فأحيانا يذكر أن الفائدة من التكرار هي التأكيد، وأحيانا يضيف فائدة أخرى، وأحيانا يذكر عدة وجوه للتكرار بين الآيات.

*ومن الأمثلة على ذلك:

*قال الإمام الرازي في تفسير قول الله عز وجل: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (١): «أن في تكرار (الذين ظلموا) زيادة في تقبيح أمرهم وإيذانًا بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم» (٢).

*وفي تفسير قول الله عز وجل {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣) يقول: «فإن قيل لِم كررت الآية؟ قلنا فيه قولان: (أحدهما) أنه عنى بالآية الأولى إبراهيم ومن ذكر معه والثانية أسلاف اليهود قال الجبائي، قال القاضي: هذا بعيد لأن أسلاف اليهود والنصارى لم يجر لهم ذكر مصرح، وموضع الشبهة في هذا القول أن القوم لما قالوا في إبراهيم وبنيه إنهم كانوا هودًا فكأنهم قالوا إنهم كانوا على مثل طريقة أسلافنا من اليهود، فصار سلفهم في حكم المذكورين فجاز أن يقال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} ويعينهم ولكن ذلك كالتعسف بل المذكور السابق هو إبراهيم وبنوه، فقوله {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} يجب أن يكون عائدًا إليهم، والقول الثاني أنه متى اختلفت الأوقات والأحوال والمواطن لم يكن التكرارعبثًا؛ فكأنه تعالى قال: ما هذا إلا بشر فوصف هؤلاء الأنبياء فيما أنتم عليه من الدين لا يسوغ التقليد في هذا الجنس فعليكم بترك الكلام في تلك الأمة فلها ما كسبت، ويُنظروا فيما دعاهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أنفع لكم وأعود عليكم ولا تسألون إلا عن عملكم» (٤).

*وذكر خمسة أوجه في تكرار قول الله عز وجل: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٥). (٦)، وقام بتوجيه العديد من المواضع (٧).


(١) سورة البقرة، الآية: (٥٩).
(٢) التفسير الكبير (٣/ ٩٧).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٤١).
(٤) التفسير الكبير (٤/ ٩٩، ١٠٠).
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٥٠).
(٦) يُنظر: التفسير الكبير (٤/ ١٥١ - ١٥٣).
(٧) يُنظر أيضا: التفسير الكبير (٥/ ١٩٣، ١٩٤)، (١١/ ٤٦، ٧١، ٧٢)، (١٥/ ٢١٩)، (٢٩/ ٩٧، ٩٨).

<<  <   >  >>