للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاني للألوسي (ت ١٢٧٠)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (ت ١٣٩٣)، وغيرها من التفاسير، فأمر واضح أيضًا ويعرف ذلك من خلال توجيه الآيات المتشابهة، إذ أن الخطيب الإسكافي متقدم عليهم جميعًا، حيث توفى رحمه الله عام ٤٢٠ هـ، ففي ضوء ما بحثته في الباب الثاني، والثالث، أجد في الغالب معنى كلام الإسكافي في توجيههم للآيات المتشابهة، وأحيانًا نص كلامه، ومع هذا لا أجد تصريحًا باسمه أو ذكرًا لكتابه في توجيهاتهم، حتى عند المفسرين المتأخرين» (١).

ومن خلال بحثي اتفق (الباحثة) مع ما ذهب إليه د/ صالح الشثري فالإمام الرازي مثلًا نقل بعض المسائل من العلامة الإسكافي دون أن يشير، لكنه ذكر تفسير روح المعاني ولا اتفق معه؛ لأن الإمام الألوسي ذكر كتاب درة التنزيل ثلاث مرات في تفسيره.

وسأعرض الآن المسائل التي تأثر فيها الإمام الرازي بالعلامة الإسكافي وفي كل مسألة أذكر ما قاله الإمام الرازي في تفسيره ثم أنقل ما قاله العلامة الإسكافي في درة التنزيل.

المسائل التي تأثر فيها الإمام الرازي بالعلامة الإسكافي في توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم دون أن يشير:

المسألة الأولى:

قال الإمام الرازي: «لقائل إن يقول: إنه تعالى قال ههنا (وكلا منها رغدًا)، وقال في الأعراف (فكلا من حيث شئتما) فعطف (كلا) على قوله "اسكن" في سورة البقرة بالواو، وفي سورة الأعراف بالفاء فما الحكمة؟ والجواب: كل فعل عُطف عليه شئ، وكان الفعل بمنزلة الشرط، وذلك الشئ بمنزلة الجزء عطف الثاني على الأول بالفاء دون الواو كقوله تعالى {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} (٢)، فعطف كلوا على ادخلوا بالفاء لما كان وجود الأكل منها متعلقًا بدخولها فكأنه قال إن أدخلتموها أكلتم منها، فالدخول موصول إلى الأكل، والأكل متعلق وجوده بوجوده يبين ذلك قوله تعالى في مثل هذه الآية من سورة {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ


(١) المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية، (ص: ٢٢، ٢٣).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٥٨).

<<  <   >  >>