للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من التماسك، ولا بد من وازع يزعهم كلما رانت على قلوبهم الغفلة، وحادت بهم الأقدام عن الصراط المستقيم.

ومن هنا كان لزاما على أرباب الفكر وحملة الأقلام أن ينشطوا في تجلية قيم الدين الرفيعة، وعرضها سائغة ميسرة ذلولا للناس، ويبينوا لهم الصورة المشرقة الوضيئة السمحة التي أراد الله لعباده أن يتخلقوا بها في هذه الحياة، لتكون الحياة جميلة ممتعة هنيئة.

إن الله لم ينزل هذا الدين من فوق سبع سموات ليكون نظريات تستمتع العقول بمناقشتها، ولا ليكون كلاما مقدسا يتبرك الناس بتلاوته وهم لا يفقهون هديه ولا يدركون معانيه، وإنما أنزله الله ليحكم حياة الفرد، وينظم حياة الأسرة، ويقود حياة المجتمع، وليكون نورا يضيء طريق البشر، ويخرجهم من الظلمات إلى النور:

{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١).

وفي ظلال هذه الهداية ينضر العيش، وتطيب الحياة، ويهنأ الأحياء، وأولى الخطوات نحو هذه الحياة الراشدة الهنيئة إيجاد الفرد المسلم الصادق الذي تتمثل فيه صورة الإسلام الوضيئة المشرقة، يراها الناس فيرون الإسلام، ويتعاملون معها فيزدادون إيمانا به وإقبالا عليه.

وهذا ما صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر الدعوة، إذ كانت أولى خطواته في درب الإسلام الطويل أن يصنع رجالا يتجسد فيهم الإسلام، فإذا هم مصاحف تمشي على الأرض، انتشروا في أنحاء الدنيا، فرأى الناس فيهم


(١) المائدة: ١٥ - ١٦.

<<  <   >  >>