للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرد عن هدي الله، فإذا أفراده لا يبالون على من تسقط فضلاتهم التي يلقونها من فوق الرفات والنوافذ وأسطحة المنازل!

ولقد استطاع العالم الغربي المتمدن أن يصل في مثل هذه الأمور إلى مستوى عال من التنظيم بتعويد أفراده على احترام النظام، وتطبيقه بدقة وصرامة. بيد أن هذا المستوى الاجتماعي العالي عند الغرب يبقى دون المستوى الاجتماعي الإسلامي الصحيح؛ لسبب واضح، هو أن الفرد المسلم الذي أحكم الإسلام تربيته أكثر دقة وأشد إخلاصا في تطبيق النظام، لأنه يعتقد أن الخروج عن هذا النظام عصيان لله، يعاقب عليه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، على حين لا يرى الغربي في مخالفته النظام أكثر من ذنب، قد يؤنبه ضميره عليه، وقد لا يؤنبه، ثم ينتهى الأمر، وبخاصة إذا كانت عين السلطة غافلة عنه.

[يسعى بالصلح بين المسلمين]

ومن الاهتمام بأمر المسلمين، والحرص على نفعهم، ودفع الأذى عنهم، السعي بالصلح بينهم إن كانوا متخاصمين، والنصوص في وجوب الصلح بين المسلمين أكثر من أن تتسع لها هذه الصفحات، منها قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (١).

إنه أمر رباني حاسم بالصلح بين الطائفتين المتقاتلتين، ولو أدى الأمر إلى قتال الفئة المتعنتة الباغية، حتى يسود العدل مجتمع المؤمنين، وترف الأخوة بنداها النقي العطر في سمائه من جديد:


(١) الحجرات: ١٠.

<<  <   >  >>