للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن مشاركة المسلم في مثل هذه المناسبات دليل على إدراكه الحياة الاجتماعية بأبعادها كافة؛ فليست الحياة أفراحا ومناسبات سعيدة فحسب، وإنما هي فرح وترح، سرور وحزن، طرب وكرب، رخاء وشدة، بسمة ودمعة، والمسلم الحق الواعي له مكانه في هذا كله، لا يغيب عن جانب منه؛ إذ له في كل جانب رسالة يؤديها، وكلمة يقولها، وواجب يقوم به.

[يكافيء على المعروف ويشكر عليه]

ومن خلائق المسلم الطيبة وشمائله الرفيعة أنه يكافىء على المعروف فلا يجحده، ويشكر عليه ولا ينساه؛ عملا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

((من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء)) (١).

وقوله:

((من استعاذ بالله فأعيذوه ... ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه)) (٢).

فالشكر على المعروف في خليقة المسلم دين خض عليه الهدي النبوي الكريم، وليس مجاملة اجتماعية تتحكم فيها الأمزجة والأهواء، وتدفع إليها المنافع والمصالح، وتتذبذب بمدى تحقق تلك المنافع والمصالح.

فصاحب المعروف يستحق الشكر عليه، وإن لم تتحقق تلك المنافع والمصالح على يديه، فحسبه أنه أقبل على فعل المعروف، فاستحق كلمة الشكر النابعة من القلب، وهذا ما يريده الإسلام من المسلمين.

ولقد بلغ من حرص الإسلام على تأصيل هذه الخليقة في نفس المسلم أنه جعل شكر الله لا يتم، ولا يتحقق على وجهه الأكمل إلا بشكر الناس على ما قدموه من معروف، وما أسدته أيديهم من خير. فالذي لم يألف شكر الناس


(١) حديث حسن جيد غريب، رواه الترمذي.
(٢) رواه أبو داود والنسائي وأحمد. وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>