للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأجنبية؛ ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى تعلم اللغات الأجنبية منذ خمسة عشر قرنا، ليكون المسلمون دوما قادرين على الاتصال بشتى الأمم والأجناس، ودعوتها إلى الحق الذي كلفهم الله بحمله إلى العالمين. نرى مصداق ذلك فى الحديث الذي رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي) قال زيد: فتعلمته، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كتب إليهم، وأقرأ كتبهم إذا كتبوا إليه وفي رواية: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتحسن السريانية؟ فإنها تأتيني كتب) قلت: لا، قال: ((فتعلمها))، فتعلمتها (١).

ومن هنا كان ابن الزبير رضي الله عنه يتقن عددا من اللغات دون أن تشغله هذه اللغات عن دينه ودخرته، فقد كان له مئة غلام يتكلم كل غلام فيهم بلغة أخرى، وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته، وكنت إذا نظرت إليه في أمر دنياه قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين، وإذا نظرت إليه في أمر آخرته قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين (٢).

والمسلم المعاصر مطالب أكثر من أي وقت مضى بإتقان بعض اللغات الأجنبية، ليعيش عصره، ويطلع على الجوانب الإيجابية والسلبية مما يتصل بثقافة أمته وتراثها ودينها فيما كتب بغير لغته، ليكون درعها الواقي يدرأ عنها الشر، ولسانها الأمين يجلب إليها الخير.

[ج - روحه]

لا ينسى المسلم الحق، وهو يتعهد نفسه، ويبني كيانه الجسمي والعقلي، أنه ليس مكونا من جسم وعقل فحسب، وإنما يدرك أن له قلبا


(١) أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٥٤٩، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٣٣٤.

<<  <   >  >>