للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتجلى لعين المسلم شخصية الرسول الكريم في سيرته، فإذا هي كلها رفق ودماثة وكرم وخلق، لم يعرف عنه يوما أنه أفحش في لفظ، ولا لعن أو سب مسلما، وها هو ذا أنس رضي الله عنه خادمه وملازمه يصف خلقه العظيم، فيقول:

((لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا لعانا ولا سبابا، كان يقول عند المعتبه: ما له ترب جبينه (١)؟)) (٢).

[لا يغتابهم]

والمسلم الحق الصادق يحفظ غيبة إخوانه وأصدقائه، فلا يغتابهم؛ لأنه يعلم أن الغيبة حرام بنص القرآن الكريم:

{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (٣).

إن نفس المسلم المرهفة المتأدبة بأدب الإسلام، المرتشفة من رحيق أخلاقه، لتقشعر من هذه الصورة التي رسمها القرآن الكريم للمغتاب، يأكل لحم أخيه ميتا، بكلمات يتفوه بها عنه في غيابه، فإذا هو يسارع إلى التقوى التي ذيل الله بها آية الغيبة، ويلوذ بالتوبة النصوح منها إن تورط فيها، ويمسك عليه لسانه، فلا يطلقه على إخوانه إلا بخير، ذاكرا قول الرسول الكريم:

((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد


(١) قيل في تفسير هذه العبارة: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بها دعاء له بكثرة السجود، ففي ذلك هداية له لإصلاح.
(٢) رواه البخاري.
(٣) للحجرات: ١٢.

<<  <   >  >>