للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)) (١).

وكان الصحابي الجليل أبو الدرداء يقول: ألا أحدثكم بما هو خير لكم

من الصدقة والصيام؟ صلاح ذات البين. ألا وإن البغضة هي الحالقة (٢))) (٣).

إنها لنظرة نافذة عميقة لروح هذا الدين القائم على التآخي والمحبة، من هذا الصحابي الجليل الذي كان موضع ثقة الرسول الكريم في حسن تفكيره ونفاذ بصيرته، إذ رأى التباغض يحبط العمل، ويضيع الأجر، ويمحق الحسنات، ومن هنا كان صلاح ذات البين للمسلم المقاطع أخاه خيرا له من الصدقة والصيام، إذ أن بقاءه على القطيعة والهجر والتباغض يودي بما يجنيه من عباداته من حسنات.

ولقد أخذ الصحابي أبو الدرداء حديثه هذا من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه الترمذي عنه أيضا: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟)) قالوا: بلى، قال: ((إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)). قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)).

[سمح عفو عنهم]

والمسلم الحق إذا مسه الغيظ من أخيه كظم غيظه، ثم هو لا يأنف أن يسارع إلى العفو عنه، والتغاضي عن زلته، ولا يرى في صفحه عن أخيه ذلا يحيق به، ولا عارا يلبسه، بل يرى فيه إحسانا يقربه من الله زلفى، ويكسبه محبته التي خص بها المحسنين من عباده في قوله:


(١) رواه مسلم.
(٢) أي الماحية للثواب.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.

<<  <   >  >>