للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقوله أيضا:

((المسلمون كرجل واحد، إن اشتكت عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله)) (١).

إن المسلم الواعي الصادق لا يسعه أمام هذا الهدي النبوي العالي إلا أن يخفق قلبه بحب إخوانه وأخلائه، ويقبل عليهم بقلبه ومشاعره، فإذا هو عنصر خير ووئام وبناء في دنياه، والفائز برضوان ربه ومحبته في أخراه.

[لا يقاطع إخوانه ولا يهجرهم]

والمسلم الحق الواعي أحكام دينه يعلم أن الإسلام الذي دعا إلى المحبة والتواصل والتعاطف، هو هو الذي حرم التباغض والقطيعة والهجر، وبين أن المتحابين الصادقين لا تفرق بينهما الهنوات العارضات؛ ذلك أن عروة الحب في الله أوثق من أن تنفصم من أول ذنب يقترفه أحدهما، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تواد اثنان في الله جل وعز، أو في الإسلام، فيفرق بينهما أول ذنب يحدثه أحدهما)) (٢).

على أن الإسلام لم يغفل طبيعة النفس البشرية، وأنها عرضة لنزوات الغضب وتقلبات العاطفة في لحظات الضعف، فوضع حدا للمدة التي يمكن أن تفثأ فيها نار الغضب، ويخمد أوار الانفعال، وحرم على المسلمين المتنازعين أن تمضي هذه المدة، ولا يسارع أحدهما أو كلاهما للصلح والتصافي والوئام، وفي ذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) (٣).


(١) رواه مسلم.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>