وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير إلا أنه كان رجلا يخالط الناس، وكان موسرا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل: فنحن أحق بذلك منه، فتجاوزوا عنه)) (١).
ألا ما أثقل هذا الخلق في ميزان الإنسان! وما أحوج هذا الإنسان إليه
يوم العرض الكبير وساعاته العصيبة الشداد!
[طليق الوجه]
ومن مستلزمات هذا الخلق السمح اللين أن يكون صاحبه مع الناس طلق المحيا، مفتر الأسارير، تعلو الابتسامة وجهه، ويطفح البشر من محياه؛ وهذا كله من حسن الخلق، ومن المعروف الذي حض عليه الإسلام.
ففي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)).
وأخرج الشيخان عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله أنه قال:((ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم)).
إن المجتمع الذي تشيع السماحة والود والابتسام بين أفراده لهو مجتمع إنساني راق متواد متماسك، يكرم فيه الإنسان، وتحترم الأخلاق، وتسود القيم الإنسانية العليا، وهذا هو المجتمع الإسلامي الذي تضافرت النصوص والمبادئ الإسلامية التربوية على إنشائه، ليكون غرة في جبين المجتمعات، وإننا لنلمس الفرق الكبير بين هذا المجتمع الرباني وبين المجتمعات المادية التي يعيش فيها الإنسان في جفاف عاطفي قاتل، لا يهش لجار أو قريب، ولا يكاد يفتر ثغره عن ابتسامة حب لصديق، وإنما هو دوما مهموم مشغول