للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، ولتأخذن على أيدي المسيء، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم)) (١).

[لبق حكيم في دعوته]

والمسلم الداعية الواعي كيس فطن لبق في وعظه، حكيم في دعوته الناس إلى الحق، متئد في تعليمهم أحكام الدين، يترسم في ذلك كله قول الله تبارك وتعالى:

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (٢).

ذلك أن من أهم صفات الداعية إلى الله أن يحسن التغلغل في القلوب، فيحبب إليها الإيمان، ويرغبها بالإقبال على الدين، محاذرا أن يكون منه ما ينفر أو يؤذي ويسخط، ومن هنا هو لا يصب على الناس كل ما لديه من علم دفعة واحدة، وإنما يقدم لهم العلم على دفعات، ويسوق لهم الموعظة في خطرات، يلمس بها قلوبهم ومشاعرهم بين الحين والحين، متجنبا الإطالة والإثقال والإملال، وهذا ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله في وعظه الناس، كما أخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد كان عبد الله بن مسعود يتعهد الناس بالموعظة كل يوم خميس، فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن: لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: ((أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة (٣) كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا)) (٤).


(١) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٢) النحل: ١٢٥.
(٣) أي أتعهدكم بها في أيام متفرقة.
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>