للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعبيرا عن شدة عناية الإسلام بحسن المنظر وجمال الهيئة، وإنكاره التبذل وقبح المظهر.

ولقد كان الرسول الكريم دائم التنبيه إلى هذه الملاحظ الجمالية في هيئة الإنسان، ما رأى رجلا زري الهيئة، مهملا ترجيل شعره إلا أنكر عليه إهماله وتقصيره وزرايته بنفسه.

روى الإمام أحمد والنسائي عن جابر رضي الله عنه، قال: ((أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرا، فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال: ((ما كان يجد هذا ما يسكن به رئسه؟!)).

[حسن الهيئة]

والمسلم الحق يعنى بلباسه وهندامه؛ لذلك تراه حسن الهيئة، أنيق المظهر، من غير مغالاة ولا سرف، ترتاح لمرآه العيون، وتأنس به النفوس، لا يغدو على الناس في هيئة مزرية قميئة مهلهلة، بل يتفقد نفسه دوما قبل خروجه على الناس، فيتجمل لهم باعتدال؛ فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجمل لأصحابه، فضلا عن تجمله لأهله.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}: (روى مكحول عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه على الباب، فخرج يريدهم، وفي الدار ركوة فيها ماء، فجعل ينظر في الماء، ويسوي لحيته وشعره. قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله، وأنت تفعل هذا؟ قال: نعم، إذا خرج الرجل إلى إخوانه، فليهيىء من نفسه، فإن الله جميل يحب الجمال)).

والمسلم يفعل هذا كله وفق نظرية الإسلام الوسط في الأمور كلها،

<<  <   >  >>