للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصبيان بالرائحة الزكية. وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمر في طريق، فيتبعه أحد، إلا عرف أنه سلكه من طيبه. ونام مرة في دار أنس، فعرق، فجاءت أم أنس بقارورة تجمع فيها عرقه، فسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالت: هذا عرقك، نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب (١).

ألا ما أحوج المسلمين إلى قبسات من هدي هذا الرسول العظيم!.

ومن هدي هذا الرسول العظيم أمره - صلى الله عليه وسلم - برعاية الشعر وإصلاحه وتجميله التجميل المشروع في الإسلام؛ وذلك في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((من كان له شعر فليكرمه)).

وإكرام الشعر في الذوق الإسلامي يكون بتنظيفه وتمشيطه وتطييبه وتحسين شكله وهيئته.

وقد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الإنسان شعره مرسلا مهملا شعثا منفوشا، بحيث يبدو للأعين كأنه الغول الهائج، وشبهه لقبح منظره بالشيطان، وذلك في الحديث الذي رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلا عن عطاء بن يسار، قال:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه الرسول بيده، كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل ثم رجع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم وهو ثائر الرأس، كأنه شيطان؟!)).

وواضح أن في تشبيه الرسول الكريم الرجل المنتفش الشعر بالشيطان


(١) رواه مسلم.

<<  <   >  >>